الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما بالنسبة لجعل نغمة الهاتف الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فقد بينا حكمه في الفتوى رقم: 168751. وكذلك الشأن في برنامج التذكير بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الجوال.
ولكن ينبغي لمن فعل ذلك، وعلم أن البرنامج سينبهه أثناء صلاته إغلاق الجوال، أو جعله صامتا عند الدخول في الصلاة لما في تركه من التشويش على المصلين وأذيتهم. وانظر الفتوى رقم: 119943.
ومن نسي أن يغلق الجوال أثناء الصلاة، وصلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- فقد ذهب الشافعية إلى أن من سمع أثناء الصلاة اسم النبي -صلى الله عليه وسلم- أو قرأ آية فيها اسمه -صلى الله عليه وسلم- ندب له الصلاة عليه، لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: البخيل من ذكرت عنده فلم يصل عليَّ. رواه أحمد والترمذي.
ففي تحفة المحتاج نقلاً عن صاحب العباب: لو قرأ المصلي آية فيها اسم محمد -صلى الله عليه وسلم- ندب له الصلاة عليه في الأقرب بالضمير، كصلى الله عليه وسلم، لا اللهم صل على محمد؛ للاختلاف في إبطال الصلاة بركن قولي، والظاهر أنه لا فرق بين أن يقرأ أو يسمع. اهـ من تحفة المحتاج.
وتؤيد الندب عدة آثار عن السلف، ففي مصنف ابن أبي شيبة: عن الحسن قال: إذا قال الرجل في الصلاة: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً، فليصل عليه.
وعن المغيرة قال: قلت لإبراهيم: أسمع الرجل وأنا أصلي يقول: إن الله وملائكته يصلون على النبي أأصلي عليه؟ قال: نعم إن شئت. اهـ
وتجوز في هذه الحالة عند المالكية، لكن تكون سرًا مع عدم الإكثار منها، ففي المنتقى للباجي وهو مالكي: ولأن إجابته بالتلبية والتعظيم له والصلاة عليه من الأذكار التي لا تُنَافى بالصلاة، بل هي مشروعة فيها، وقد قال ابن حبيب: إذا سمع المأموم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة والخطبة فصلى عليه أنه لا بأس بذلك، ولا يجهر به، ولا يكثر منه. ومعنى قوله: ولا يجهر به؛ لئلا يخلط على الناس. ومعنى قوله: ولا يكثر؛ لئلا يشتغل بذلك عن صلاته. انتهى.
وعند الحنابلة في إحدى الروايتين: صحة صلاة من أتى بذكر مشروع في الصلاة في غير محله. قال ابن قدامة في المغني، وهو يتحدث عن زيادات الأقوال في الصلاة: القسم الثاني: ما لا يبطل عمده الصلاة، وهو نوعان: أحدهما: أن يأتي بذكر مشروع في الصلاة في غير محله، كالقراءة في الركوع والسجود، والتشهد في القيام، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول، وقراءة السورة في الأخريين من الرباعية أو الأخيرة من المغرب وما أشبه ذلك، إذا فعله سهواً فهل يشرع له السجود؟ على روايتين: إحداهما: لا يشرع له سجود لأن الصلاة لا تبطل بعمده فلم يشرع السجود لسهوه كترك سنن الأفعال. الثانية: يشرع له السجود؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين وهو جالس. رواه مسلم. انتهى.
وعند الحنفية تبطل الصلاة إذا كانت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جواباً لسماع ذكره؛ لا إن كانت ابتداء، ففي فتح القدير لابن الهمام وهو حنفي: ولو صلى على النبي صلى الله عليه وسلم جوابا لسماع ذكره تفسد؛ لا ابتداء. انتهى.
وعليه؛ فالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند سماع ذكره أثناء الصلاة سنة عند الشافعية، مشروعة عند المالكية، مبطلة للصلاة عند الحنفية.
وننبه السائل إلى المبادرة بكتم صوت الجوال أو إغلاقه ولو في الصلاة، فإن تلك حركة يسيرة لا أثر لها في صحة الصلاة.
والله أعلم.