الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان الذي بينك وبين تلك الفتاة مجرد خطبة، ولم تعقد عليها العقد الشرعي بعد، فطلاقك لغو لا أثر له.
أمّا إذا كنت عقدت عليها العقد الشرعي، ثم حلفت بالطلاق الثلاث، وحنثت في يمينك، فالمفتى به عندنا أنّها قد طلقت منك ثلاثًا، وبانت منك بينونة كبرى، فلا تحل لك إلا إذا تزوجت زوجًا آخر -زواج رغبة لا زواج تحليل- ويدخل بها الزوج الجديد، ثم يطلقها، أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه، وهذا قول أكثر أهل العلم، قال ابن قدامة -رحمه الله-: وإن طلق ثلاثًا بكلمة واحدة، وقع الثلاث، وحرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره، ولا فرق بين قبل الدخول وبعده. روي ذلك عن ابن عباس، وأبي هريرة، وابن عمر، وعبد الله بن عمرو، وابن مسعود، وأنس، وهو قول أكثر أهل العلم من التابعين، والأئمة بعدهم. اهـ.
لكنّ بعض العلماء يرى أنّك إذا كنت حلفت هذه اليمين بقصد التأكيد، والتهديد، ونحوه، لا بقصد إيقاع الطلاق، فلا يقع طلاقك بالحنث، ولكن تلزمك كفارة يمين، وإن كنت قصدت إيقاع الطلاق، فلا يقع بحنثك إلا طلقة واحدة، فيجوز لك أن تتزوجها بعقد جديد، وهذا قول ابن تيمية -رحمه الله- وانظر الفتوى رقم: 11592.
وننبه إلى أن الحلف المشروع هو الحلف بالله تعالى، وأما الحلف بالطلاق فهو من أيمان الفساق، وقد يترتب عليه ما لا تحمد عقباه، ولا سيما إذا كان بلفظ الثلاث.
والله أعلم.