الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الله تبارك وتعالى موصوف بالحياء، والستر، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل حيي ستير، يحب الحياء، والستر. رواه أحمد وأبو داود، والنسائي، وصححه الألباني.
وفي الصحيحين من حديث ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدنى المؤمن يوم القيامة من ربه عز وجل، حتى يضع عليه كنفه، فيقرره بذنوبه، فيقول: هل تعرف؟ فيقول: أي رب أعرف. قال: فإني قد سترتها عليك في الدنيا، وإني أغفرها لك اليوم. فيعطى صحيفة حسناته. وأما الكفار والمنافقون، فينادى بهم على رؤوس الخلائق: هؤلاء الذين كذبوا على الله.
فهذا يدل على أن الله تعالى يستر عبده المؤمن المستتر بالمعصية في الدنيا، ثم يتم عليه ستره يوم القيامة.
وهذا إن كان هو الأصل، والغالب، إلا أن حكمة الله تعالى قد تقتضي في بعض الأحيان في حق بعض الناس أن يرفع الله عنه ستره، ويظهر عيبه أو ذنبه لبعض خلقه، إما تعجيلًا للعقوبة، أو تنبيهًا وزجرًا للمؤمن، أو عبرة لمن يعتبر، أو غير ذلك من الحكم التي لا نحيط بها علمًا، فيبقى المؤمن راجيًا عفو الله وستره، خائفًا من مكره وعقابه، وراجع في هذا الفتوى رقم: 242650، وإحالاتها.
وأما التائب من الذنب: فلا يعاقب عليه، ولا يؤاخذ به في الدنيا، ولا في الآخرة، فضلًا من الله ورحمة، قال ابن تيمية: لحوق عقوبة الذنب بصاحبه، إنما تنال لمن لم يتب، وقد يمحوها الاستغفار، والإحسان، والبلاء، والشفاعة، والرحمة. اهـ.
فالتائب لا يعاقب بفضحه، ورفع الستر عنه، ولا بغير ذلك من العقوبات، في الدنيا ولا في الآخرة، وانظر في هذا الفتوى رقم: 149625.
والله أعلم.