الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا تجوز قراءة القرآن من أجل المال، ولا يجوز الاستئجار على ذلك، وهذا قول عامة المتقدمين، وجمهور الفقهاء المتأخرين. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا يصح الاستئجار على القراءة وإهدائها للميت، لأنه لم ينقل عن أحد من الأئمة الأذن في ذلك. وقد قال العلماء: إن القارئ إذا قرأ لأجل المال فلا ثواب له، فأي شيء يُهدى إلى الميت، وإنما يصل إلى الميت العمل الصالح، والاستئجار على مجرد التلاوة، لم يقل به أحد من الأئمة. اهـ.
وقال ابن أبي العز الحنفي في شرح الطحاوية: أما استئجار قوم يقرؤون القرآن ويهدونه للميت، فهذا لم يفعله أحد من أئمة الدين، ولا رخص فيه، والاستئجار على نفس التلاوة غير جائز، بلا خلاف. اهـ.
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة: تلاوة القرآن عبادة محضة، وقربة يتقرب بها العبد إلى ربه، والأصل فيها وفي أمثالها من العبادات المحضة أن يفعلها المسلم؛ ابتغاء مرضاة الله، وطلبا للمثوبة عنده، فلا يبتغي بها المخلوق جزاء ولا شكورا؛ ولهذا لم يعرف عن السلف الصالح استئجار قوم يقرؤون القرآن في حفلات أو ولائم، ولم يؤثر عن أحد من أئمة الدين أنه أمر بذلك أو رخص فيه، ولم يعرف أيضا عن أحد منهم أنه أخذ أجرا على تلاوة القرآن لا في الأفراح ولا في المآتم، بل كانوا يتلون كتاب الله رغبة فيما عنده سبحانه، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن أن يسأل الله به، وحذر من سؤال الناس، روى الترمذي في سننه عن عمران بن حصين أنه مر على قاص يقرأ، ثم سأل، فاسترجع، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من قرأ القرآن فليسأل الله به، فإنه سيجيء أقوام يقرؤون القرآن، يسألون به الناس. اهـ.
ولمزيد الفائدة عن هذه المسألة، يمكن الرجوع لرسالة العلامة البركوي (إنقاذ الهالكين في حكم أخذ الأجرة على تلاوة القرآن الكريم) وقد تناولها بالتفصيل أيضا الباحث عادل شاهين في رسالته للماجستير (أخذ المال على أعمال القرب).
وانظر للفائدة، الفتوى رقم: 11701.
والله أعلم.