الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله تعالى مما وقعت فيه من المحرمات، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، مع الستر على النفس وعدم المجاهرة بالذنب، ولا تخبري أحدا بما وقعت فيه.
ومن صدق التوبة أن يجتنب العبد أسباب المعصية، ويقطع الطرق الموصلة إليها، ويحسم مادة الشر، ويحذر من اتباع خطوات الشيطان.
واحذري من تخذيل الشيطان وإيحائه لك باليأس والخجل من الدعاء، والعجز عن التوبة والاستقامة؛ فذلك من وسوسته وكيده. فلا تلتفتي لتلك الوساوس، واستعيذي بالله واستعيني به ولا تعجزي، واعلمي أنّ التعفّف والبعد عن الحرام، يسير على من استعان بالله، واجتهد في الأسباب الموصلة إليها، وقد بينا بعضها في الفتوى رقم: 23231.
واعلمي أنّ الله تعالى لا يتعاظمه ذنب، فمن سعة رحمة الله وعظيم كرمه، أنّه مهما عظم ذنب العبد، ثمّ تاب توبة صادقة؛ فإن الله يقبل توبته قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ. الزمر (53).
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه-: قال: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله: يا ابن آدم، إِنَّكَ ما دَعَوْتَني ورَجَوْتَني، غفرتُ لك على ما كانَ مِنكَ، ولا أُبالِي. يا ابنَ آدمَ، لو بلغتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السماءِ، ثم استَغْفَرتَني، غَفَرْتُ لك، ولا أُبالي. يا ابنَ آدم إِنَّكَ لو أتيتني بِقُرابِ الأرض خَطَايا، ثم لَقِيتَني لا تُشْرِكُ بي شيئا، لأَتَيْتُكَ بِقُرابِها مَغْفِرَة. أخرجه الترمذي.
بل إنّ الله تعالى يحبّ التوابين ويفرح بتوبتهم، ويبدل سيئاتهم حسنات، والتوبة تمحو أثر الذنب، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ، كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ. رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني.
ولا تخافي من العقوبة على الذنوب ما دمت تائبة.
قال ابن تيمية -رحمه الله-: ونحن حقيقة قولنا أن التائب لا يعذب لا في الدنيا ولا في الآخرة، لا شرعا ولا قدراً.... اهـ.
فأبشري خيرا، وأقبلي على ربك وأحسني ظنك به، واجتهدي في تقوية صلتك بالله، وحافظي على الرقى المشروعة والأذكار المسنونة، وأكثري من دعاء الله تعالى؛ فإنه قريب مجيب.
والله أعلم.