الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان المقصود بتعليق الطلاق على شيء في الماضي، أن يقول الزوج -مثلاً-: إن كنت فعلت كذا، فأنت طالق.
فلم نقف على كلام ابن حزم بخصوص هذا الطلاق، لكن المعروف عنه أنّه لا يوقع الطلاق إلا إذا كان بلفظ صريح منجز، غير معلق على شرط، أو صفة، سواء كان ذلك في الماضي أو المستقبل.
فقد قال في كتاب الإحكام في أصول الأحكام: وكذلك بين الله تعالى حكم الطلاق، فجعله في كل حال واقعا إذا وقع، حيث أطلق الله تعالى إيقاعه. وغير واقع حيث لم يطلق الله تعالى إيقاعه. فمن طلق إلى أجل، أو أخرج طلاقه أو عتاقه مخرج اليمين، فقد تعدى حدود الله تعالى، وليس شيء من ذلك طلاقا واقعا. اهـ.
ولا نعلم قائلاً بعدم وقوع الطلاق المعلّق على أمر حصل في الماضي، غير ابن حزم.
وتقدم لنا فتوى في أنّه لا يسوغ تقليد ابن حزم -رحمه الله- في قوله بعدم وقوع الطلاق المعلق الذي يقصد به الطلاق، وراجعي التفصيل في الفتوى رقم: 178975، والفتوى رقم: 125064
لكن على أية حال، فإن من قلّد عالماً في مسألة مختلف فيها، وكان مطمئناً لصحة قوله، فلا حرج عليه في ذلك، وأما إن كان متبعاً لهواه، أو متلقطاً، للرخص فليس له ذلك، وكل إنسان أدرى بنفسه إن كان طالباً للحق، أو كان متبعاً لهواه، أو متلقطاً للرخص.
وأمّا العبارة المذكورة عن الأوزاعي -رحمه الله- فهي منقولة في بعض كتب أهل العلم بلفظ: من تتبع رخص العلماء، تزندق.
ولم نقف على ما يفيد ثبوتها عنه بهذا اللفظ أو نحوه، لكن على فرض ثبوتها فالمقصود منها -والله أعلم- أنّ من تتبع زلات العلماء، وتلقط الرخص اتباعاً للهوى؛ فإن ذلك يؤدي به إلى رقة الدين وفساده.
وراجعي الفتوى رقم: 213079
والله أعلم.