الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهنالك بعض المحاذير الشرعية فيما ذكرته، منها: أن مجرد الدخول والخروج السريع لإثبات الدخول اليومي دون الولوج للغرف، لا يخلو من خدعة وتحايل، ولو كان الموقع يرضى بذلك؛ فإنه يوهم المتعاملين معه بكثرة رواده وليس الواقع كذلك. وهذا ما يفعله أكثر المواقع، حتى تتعامل معه الشركات في الترويج لإعلاناتها، ونحو ذلك. فلا يجوز للمرء أن يغش ويخدع؛ فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من غشنا، فليس منا. أخرجه مسلم عن أبي هريرة، وأخرج عنه أيضاً: من غش، فليس مني. وأخرج الطبراني أيضاً: من غشنا فليس منا، والمكر والخداع في النار. وهذا يعم كل غش وكل خديعة، وكل مكر في أي مجال كان، وفي حق أي شخص، كما يتبين من ألفاظ الحديث.
ومن المحاذير أيضا أنه إذا كانت هذه النقاط تستخدم غالبا في المحادثات المحرمة، فقد ذكر بعض أهل العلم أن ذلك مما يحرم بيعها، فالعبرة بالغالب، ولا عبرة للنادر القليل.
وهذا والذي قبله، كاف لمنع العمل في ذلك المجال، اللهم إلا أن يكون المرء لا يجد وسيلة مباحة يكسب منها نفقته ونفقة من تلزمه نفقته، فله حينئذ التكسب من ذلك، حتى يجد وسيلة مباحة تغنيه.
ثم إن مما ينبه عليه هنا، حديث: إن روح القدس نفث في روعي: إن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها، وتستوعب رزقها؛ فاتقوا الله، وأجملوا في الطلب. ولا يحملنكم استبطاء الرزق أن يطلبه أحدكم بمعصية الله؛ فإن الله لا ينال ما عنده إلا بطاعته. رواه ابن ماجة.
قال المناوي في شرح الحديث: إن نفساً لن تموت حتى تستكمل أجلها. الذي كتبه لها الملك وهي في بطن أمها، فلا وجه للوله، والتعب والحرص والنصب إلا عن شك في الوعد. وتستوعب رزقها كذلك؛ فإنه سبحانه وتعالى قسم الرزق وقدره لكل أحد بحسب إرادته، لا يتقدم ولا يتأخر، ولا يزيد ولا ينقص، بحسب علمه القديم الأزلي؛ ولهذا سئل حكيم عن الرزق، فقال: إن قسم فلا تعجل، وإن لم يقسم فلا تتعب.
(فاتقوا الله) أي ثقوا بضمانه، لكنه أمرنا تعبداً بطلبه من حله، فلهذا قال: وأجملوا في الطلب. بأن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة بغير كد ولا حرص، ولا تهافت على الحرام، والشبهات (ولا يحملن أحدكم استبطاء الرزق) أي حصوله (أن يطلبه بمعصية الله؛ فإن الله تعالى لا ينال ما عنده) من الرزق وغيره ( إلا بطاعته). انتهى من فيض القدير.
والله أعلم.