الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمثل هذا الشرط (غرامة تأخير الديون المستحقة في الذمة) لا يجوز التعاقد عليه، ولا قبوله.
قال الدكتور محيي الدين القره داغي، في بحثه عن تأصيل غرامة التأخير والتعويض عن الضرر: لا خلاف بين الفقهاء المعاصرين الذين يعتد بآرائهم -حسب اطلاعي على آرائهم- في عدم جواز اشتراط تعويض محدد (كمبلغ من المال، أو نسبة منه) على تأخير السداد في العقود الآجلة أي أثمانها آجلة، سواء كانت هذه الأثمان ناتجة عن المرابحة، أو البيع الآجل، أو المقسط، أو الاستصناع أو نحو ذلك، فهذا عين ربا النسيئة الذي حرمه القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، وقد أكدت ذلك القرارات والفتاوى التي ذكرناها في السابق. وإنما الخلاف في اشتراط غرامة التأخير وصرفها في وجوه البر، فقد ذهب بعض العلماء إلى جواز اشتراط غرامة التأخير، سواء كانت غرامة مقطوعة، أو بنسبة محددة على المبلغ والفترة، في حال التأخير عن السداد، وصرفها في وجوه الخير .. اهـ.
وإذا كان الشرط الذي ذكره السائل من النوع المحرم، فلا يشرع له قبوله والدخول في عقده، ولا سيما مع توفر شقق أخرى خالية من هذا الإشكال. وانظر للفائدة، الفتاوى التالية أرقامها: 49207، 47371.
وأما غرامات التأخير المتعلقة بالخدمات التي توفرها الدولة للشقق، مثل الكهرباء والماء والغاز، مما لا يكاد يُستغنَى عنه في عصرنا هذا من الحاجات الملحة، فلا نرى ذلك مانعا من شراء هذه الشقق وتأجيرها؛ لأن المشقة تجلب التيسير. على أن يحرص المستفيد من هذه الخدمات، على دفع قيمتها في موعدها، بحيث لا يدخل تحت طائلة هذه الغرامات. ويتأكد هذا على مذهب من يرى أن ما تفرضه الدولة من نحو هذه الغرامات، إنما هو من باب العقوبة التعزيرية، وليس من باب التعويض عن ضرر تأخير الحقوق المالية.
والله أعلم.