الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحمد لله الذي أنعم عليك بارتداء الحجاب، ووفقك للمحافظة على الصلوات، وعدم التواصل مع الشباب، فهي نعم عظيمة، تستحق الشكر، وبالشكر يأتي المزيد، بإذن الحميد المجيد، قال تعالى: وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ {إبراهيم:7}.
ومن أعظم الشكر: الإقبال على الطاعات، ومن أعظم أسباب زوال النعم: المعاصي والسيئات، قال الله سبحانه: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ {الأنفال:53}، وراجعي لمزيد الفائدة الفتوى رقم: 56211.
وكما ذكرت فإن سماع الموسيقى أمر محرم، وإعجابك بهؤلاء الشباب، وتعلق قلبك بهم، ونظرك إلى صورهم، وحرصك على متابعتهم، ومعرفة أخبارهم، أمر خطير، ويتضمن معصية الله عز وجل، وربما قاد إلى ما هو أغم وأطم، وأعظم إثمًا.
فالواجب عليك التوبة من ذلك كله، والتوبة النصوح لها شروط، سبق أن بيناها في الفتوى رقم: 5450.
وإن زللت بعد التوبة، ورجعت للذنب، فبادري للتوبة مرة أخرى، ولا تيأسي؛ روى البخاري ومسلم، واللفظ لمسلم، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكى عن ربه عز وجل قال: أذنب عبد ذنبًا، فقال: اللهم اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: عبدي أذنب ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، ثم عاد فأذنب، فقال: أي رب، اغفر لي ذنبي، فقال تبارك وتعالى: أذنب عبدي ذنبًا، فعلم أن له ربًّا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، اعمل ما شئت، فقد غفرت لك. قال عبد الأعلى: لا أدري أقال في الثالثة أو الرابعة: اعمل ما شئت.
قال النووي: وفي الحديث: أن الذنوب ولو تكررت مائة مرة، بل ألفًا وأكثر، وتاب في كل مرة، قبلت توبته... اهـ.
وكوني في الوقت ذاته على وجل من أن يدركك الموت وأنت على الذنب، فتموتين على سوء الخاتمة، فإن هذا مما يعين على الثبات على التوبة، والاستقامة.
وإن كنت تظنين أن رجوعك لتلك الأفعال السيئة، يمكن أن يزيل عنك الاكتئاب والوسواس القهري، فإنك واهمة، فالمعاصي من أسباب تسلط الشيطان على الإنسان، وتواتر الهموم والغموم على قلبه، قال ابن القيم في الفوائد وهو يعدد بعض آثار المعاصي: قلّة التوفيق، وفساد الرأي, وخفاء الحق, وفساد القلب, وخمول الذكر, وإضاعة الوقت, ونفرة الخلق, والوحشة بين العبد وبين ربّه, ومنع إجابة الدعاء, وقسوة القلب, ومحق البركة في الرزق والعمر, وحرمان العلم, ولباس الذل, وإهانة العدو, وضيق الصدر, والابتلاء بقرناء السوء، الذين يفسدون القلب، ويضيعون الوقت, وطول الهمّ والغمّ, وضنك المعيشة, وكسف البال... تتولّد من المعصية، والغفلة عن ذكر الله, كما يتولّد الزرع عن الماء, والإحراق عن النار. وأضداد هذه تتولّد عن الطاعة. اهـ.
وقد أحسنت بدعائك ربك أن يثبتك، ويقويك، ويهديك صراطه المستقيم، وكذا بكاؤك، وانكسارك بين يديه، فهذا كله مما يعينك على الاستقامة، والبعد عن سبيل الغواية.
فداومي على ذلك، ونحيلك على بعض الفتاوى التي تضمنت توجيهات طيبة، تفيدك -بإذن الله-، فراجعي الفتاوى التالية: 10800، 1208، 12928.
والله أعلم.