الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فيُشرع لك -أخي السائل- أن تبذل الأسباب المباحة في طلب الرزق مع الحرص، وما نقلته عن المناوي في فيض القدير فيه نقص، وتمامه يبين أن مراده بنفي الحرص، هو الحرص على الطرق المحرمة والشبهات.
فقد قال المناوي في فيض القدير في شرح حديث: فاتقوا الله وأجملوا في الطلب: (وأجملوا في الطلب) بأن تطلبوه بالطرق الجميلة المحللة، بغير كد ولا حرص، ولا تهافت على الحرام والشبهات .. اهـ.
فالمعنى إذاً عدم الحرص والتهافت على المحرمات والشبهات، وليس عدم الحرص على تحصيل الرزق بالطرق المباحة. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ، وَاسْتَعِنْ بِاللهِ، وَلَا تَعْجَزْ. رواه مسلم.
قال القرطبي في المفهم: قوله: "احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، ولا تعجز" أي: استعمل الحرص، والاجتهاد في تحصيل ما تنتفع به في أمر دينك ودنياك، التي تستعين بها على صيانة دينك، وصيانة عيالك، ومكارم أخلاقك، ولا تفرط في طلب ذلك، ولا تتعاجز عنه ... اهـ.
فإذا أردت أن تصيب حقيقة التوكل، فلا بد من فعل الأسباب الممكنة، ومن زعم أن التوكل لا حاجة معه إلى الأسباب، فهو ضال؛ كما قال شيخ الإسلام.
فقد قال ـ رحمه الله ـ في مجموع الفتاوى: مَنْ ظَنَّ أَنَّ التَّوَكُّلَ يُغْنِي عَنْ الْأَسْبَابِ الْمَأْمُورِ بِهَا، فَهُوَ ضَالٌّ. اهـ.
والله تعالى أعلم.