الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم -هداك الله- أن شعورك بالذنب والتقصير، وتألمك لما يقع منك من التفريط هو علامة خير بإذن الله، وهو دليل على حياة قلبك، فإن الميت لا يشعر بالألم، بقي عليك أن تستغل هذا الشعور الطيب بالندم والحزن على التفريط للبدء في صفحة جديدة في علاقتك بالله تعالى، ملؤها طاعة الله، والكف عن الذنوب، والإقلاع عن الآثام، واعلم أن من آفات المعاصي أنها تبعد عن الله تعالى، وتصد عن الطاعات، وأنها تولد أخواتها، وتحمل على نظائرها، والعاقل كل العاقل هو من لا يسمح لنفسه بالاسترسال في المعاصي والانهماك في الشهوات، وكلما أذنب بادر بالتوبة النصوح، وإن تكرر منه الذنب في اليوم ألف مرة، فاعلم أن ربك تعالى غفور رحيم، وهو سبحانه عفو بر كريم، فلا تيأس من عفوه ومغفرته، وأقبل عليه بكليتك متوكلا عليه في التوبة إليه، وجاهد نفسك بإخلاص وصدق، وهو سبحانه متى اطلع منك على الصدق في اللجأ إليه، فإنه يعينك، ويأخذ بناصيتك إلى الخير، وكلما أذنبت فافعل من الحسنات ما تتدارك به شر تلك السيئات لا العكس، وذلك أن الحسنات يذهبن السيئات، ويعينك على التخلص من تلك الآفات أن تكثر من الدعاء، وتصدق في التوكل على الله تعالى، وتَجِدّ في مجاهدة نفسك، وتبتعد عن الأسباب التي من شأنها أن توقعك في هذا، وتصحب أهل الخير والصلاح ممن تعينك صحبته على طاعة الله تعالى، وتتفكر في أسماء الرب وصفاته، وتحذر غضبه وعقوبته، وتتفكر في الموت، وتستحضر أنه قريب جدا، وتتفكر في القيامة وما فيها من الأهوال العظام والخطوب الجسام، نسأل الله أن يرزقنا وإياك توبة نصوحا، وأن يهدينا وإياك صراطه المستقيم.
واحذر كل الحذر من أن يوصلك الشيطان إلى القنوط من رحمة الله تعالى، فذلك من أعظم ما يسعى إليه حتى يصد به المؤمن عن التوبة، ويخيل إليه أنه لا فائدة منها، ولا من طاعة الله تعالى بالنسبة له، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 71116 // 103705 // 109739 // 113462 // 179625 .
والله أعلم.