الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا إثم عليك -إن شاء الله- في مخالفة ما حلفت عليه بالإذن لزوجتك بالخروج من البيت لغرض مباح، وإخراج كفارة يمين.
وإذا كان في خروجها مصلحة، فإذنك لها مندوب، فإنّ الحنث في اليمين يختلف حكمه باختلاف المحلوف عليه.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: ومتى كانت اليمين على فعل واجب، أو ترك محرم، كان حلها محرما .... وإن كانت على فعل مباح، فحلها مباح. ...
وإن كانت على فعل مكروه، أو ترك مندوب، فحلها مندوب إليه؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، فأت الذي هو خير، وكفر عن يمينك». وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني والله، إن شاء الله، لا أحلف على يمين، فأرى غيرها خيرا منها، إلا أتيت الذي هو خير، وتحللتها».
وإن كانت اليمين على فعل محرم، أو ترك واجب، فحلها واجب؛ لأن حلها بفعل الواجب، وفعل الواجب واجب. المغني (باختصار)
وإذا كانت نيتك عند الحلف، أو كان السبب الذي حملك على الحلف، يقتضي تخصيص اليمين بوقت معين، أو حال معينة، كمنعها من الخروج في هذا اليوم دون غيره، أو منعها من الخروج بغير إذنك، وليس منعها من الخروج مطلقاً، ففي هذه الحال لا تحنث في يمينك بخروج زوجتك في يوم غيره، أو بإذنك؛ لأنّ النية في اليمين تخصص العام، وتقيد المطلق.
قال ابن قدامة (رحمه الله): وجملة ذلك أن مبنى اليمين على نية الحالف، فإذا نوى بيمينه ما يحتمله، انصرفت يمينه إليه، سواء كان ما نواه موافقا لظاهر اللفظ، أو مخالفا له،............ والمخالف يتنوع أنواعا؛ أحدها، أن ينوي بالعام الخاص، .......ومنها، أن يحلف على فعل شيء، أو تركه مطلقا، وينوي فعله أو تركه في وقت بعينه.
وقال -رحمه الله-: فإن عدمت النية، رجع إلى سبب اليمين وما هيجها، فيقوم مقام نيته؛ لدلالته عليها. فإن عدم ذلك، حملت يمينه على ظاهر لفظه. اهـ.
والله أعلم.