الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى جواز قبول النفقة والهدية من صاحب المال المحرم لكسبه لا لذاته، فقد سئل الشيخ ابن عثيمين –رحمه الله- هذا السؤال: الحمد لله، فقد رزقني الهداية ومقبل على الزواج إن شاء الله في الوقت الحالي، والمشكلة أن والدي - هداه الله - يتعامل بالربا، وسوف يساعدني مادياً في أمر هذا الزواج. وإنني الآن في حيرة فأنا لا أمتلك قيمة المهر، وفي ذاته فإنني أخشى قبول مساعدة والدي من ماله الحرام، وهذا معناه أني سوف أظل دون شريكة حياة لسنوات قادمة، فماذا أفعل؟
فأجاب رحمه الله: - أحب أن أعطي الأخ السائل والقراء قاعدة مفيدة، وهي ما حُرِّم لكسبه فهو حرام على الكاسب فقط، وأما ما حرم لعينه فهو حرام على الكاسب وغيره. مثال على ذلك: لو أن أحداً أخذ مال شخص بعينه، وأراد أن يعطيه آخر لبيع أو هبة قلنا هذا حرام؛ لأن هذا المال محرم بعينه. أما الكسب الذي يكون محرما كالكسب عن طريق الربا أو عن طريق الغش - أو ما أثبته ذلك - فهذا حرام على الكاسب، وليس حرام على من أخذه بحق، ودليل هذا أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يقبل من اليهود، ويجيب دعوتهم، ويأكل من طعامهم، ويشتري منهم، ومعلوم أن اليهود يتعاملون بالربا؛ كما ذكر الله عنهم في القرآن. وبناء على هذه القاعدة أقول لهذا السائل: خذ جميع ما تحتاجه للزواج من مال أبيك فهو حلال لك وليس حراما. اهـ
فعلى هذا القول لا يلزمك شيء، ولا يتعلق شيء بذمتك بسبب ما انتفعت به من مال والدك. وهذا على افتراض صحة ما ذكر السائل من كون والده حصل على ماله المذكور من عمله في مزرعة عنب مراد لعصره خمورا. وإلا فالأصل جواز زرع العنب، والعمل في مزارعه ما لم يتحقق من كونه للخمور.
والله أعلم.