الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا المنزل ملكًا لوالدتك، وأرادت أن تهب بعضه لأولادها بحيث يتملكونه في حياتها، ويحوزونه، فالراجح عندنا وجوب التسوية بين جميع الأولاد في الهبة، مع التنبيه إلى أنّ بعض العلماء لا يصححون هبة الوالد دار سكناه لولده، إلا بخروجه منها، وإخلائها من متاعه، وراجعي الفتوى رقم: 61985.
فإذا كانت والدتك قد وهبت نصف المنزل لأخويك، ولم تهب لك شيئًا، فهذا غير جائز.
والواجب عليها أن تعدل بينكم، لكن ليس لك إجبارها على أن تهب لك مثل ما وهبت لإخوتك، فإنّ التسوية بين الأولاد تحصل برد الهبة التي فضل بها بعض الأولاد، أو بهبة البقية مثلهم، قال ابن قدامة -رحمه الله-: فإن خص بعضهم بعطيته، أو فاضل بينهم فيها، أثم، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر. اهـ.
وأمّا إذا كان المقصود بالكتابة أنّ الأولاد لا يملكون حصتهم من البيت إلا بعد موت الوالدة، فهذه وصية غير جائزة؛ لأنّ الوصية لا تجوز لوارث، إلا إذا رضي جميع الورثة، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: إذا كان منحك للجزء من بيتك لابنتك منجزًا، ولم تقصد حرمان بقية الورثة، بأن قبضته في الحال، وملكت التصرف فيه، فلا بأس بذلك؛ لأن هذا من باب العطية، وإن كان منحك لها بالوصية، فهذا لا يجوز؛ لأنه لا وصية لوارث؛ لما ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا وصية لوارث. اهـ.
وأمّا إذا كان هذا المنزل موروثًا عن أبيكم، وليس ملكًا خالصًا لأمّك، فليس لها أن تخص بعض الورثة بشيء زائد عن نصيبه، والواجب قسمة المنزل، أو قسمة ثمنه، على جميع الورثة، وفق أنصبتهم المقدرة شرعًا.
وإذا حصل تنازع في تقسيم التركة، ولم يتفق الورثة على القسمة، فالذي يفصل في النزاع هو القضاء.
لكن على كل حال، فإنّ للأمّ حقًّا عظيمًا على أولادها، فعليهم برها، والإحسان إليها، ولا تجوز الإساءة إليها، أو قطيعتها.
والله أعلم.