الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالمراد بالسبر والتقسيم عند الأصوليين: "حصر الأوصاف التي تحتمل أن يُعَلَّلَ بها حكم الأصل في عدد معين، ثم إبطال ما لا يصلح بدليل، فيتيقن أن يكون الباقي علة"، مثال ذلك أن يقول المجتهد: تحريم الربا في "البُرِّ" ثبت لعلة، والعلة هذه هي إما كونه مكيلاً، وإما لكونه مطعوماً، وإما لكونه قوتاً، وإما لكونه مُدَّخراً، وإما لكونه موزوناً، وإما لكونه مالاً.
فهذا يسمى "التقسيم". ثم يبدأ بسبر هذه العلل -والسبر هو الاختبار- فيختبرها ويُسقط ما لا يراه صحيحاً، وما لا يصلح أن يكون علة.
مثال آخر: يقول المجتهد -مثلاً- في ولاية الإجبار على النكاح: هذا الحكم أي الإجبار على النكاح بالنسبة للولي، إما أن يكون للصغر، وإما أن يكون لأجل البكارة، وهذا يسمى التقسيم، ثم يبدأ بسبر العلل، فيقول: التعليل بالصغر باطل، لأنه لو كان صحيحاً لثبتت ولاية الإجبار على الثيب الصغيرة، نظراً لوجود نفس العلة وهي الصغر. وهذا مخالف لقوله -صلى الله عليه وسلم-: الثيب أحق بنفسها. وهو عام في كل ثيب صغيرة أو كبيرة. فلم تبق إلا العلة الثانية وهي البكارة. وهذا يسمى السبر.
والله أعلم.