الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للمسؤول عن الموارد البشرية طلب مال منك مقابل التوظيف مطلقًا، لكن في المسألة تفصيلًا، وهو أنك إذا كنت غير مستحق للوظيفة، فأخذ مال منك مقابلها، يعتبر رشوة محرمة في حقك، وحق آخذها، وحق الساعي بينكما؛ لقوله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188}، ولما جاء عن عبد الله بن عمرو -رضي الله عنهما- قال: لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي، والمرتشي .رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح. وفي رواية: والرائش. وهو الساعي بينهما.
وأما لو كنت تستحق الوظيفة، لكن مسؤول الموارد البشرية إذا لم تدفع له ما طلب، سيحتال حتى يمنعك منها، فيكون الإثم عليه هو لا عليك؛ لأن الرشوة هي: ما أعطي لإحقاق باطل، أو إبطال حق. أما ما أعطي لإبطال الباطل، أو إحقاق الحق، فليس برشوة على الدافع، وهو رشوة على الآخذ، قال الشيخ الخرشي في شرحه لمختصر خليل: وأما دفع المال لإبطال الظلم، فهو جائز للدافع، حرام على الآخذ. انتهى.
قال صاحب تحفة الأحوذي بشرح الترمذي: فأما ما يعطى توصلًا إلى أخذ حق، أو دفع ظلم، فغير داخل فيه. روي أن ابن مسعود أُخذ بأرض الحبشة في شيء، فأَعطى دينارين حتى خلِّي سبيله. وروي عن جماعة من أئمة التابعين قالوا: لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه، وماله إذا خاف الظلم... وفي المرقاة شرح المشكاة: قيل: الرشوة: ما يعطى لإبطال حق، أو لإحقاق باطل، أما إذا أعطى ليتوصل به إلى حق، أو ليدفع به عن نفسه، فلا بأس به...
والله أعلم.