الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلاقة الآثمة بين الرجل والمرأة الأجنبية، شر وبيل، وفساد عريض، وذريعة إلى الفواحش والفتن، وما حدث منك مع هذه الفتاة، خير دليل على ذلك. ومن أخطر ما ذكرت في هذه التصرفات، وطؤك إياها في الدبر، وهو نوع من الزنا.
قال ابن قدامة في المغني: ولا خلاف بين أهل العلم في أن من وطئ امرأة من قبلها حراماً، ولا شبهة له في وطئها، أنه زان، يجب عليه حد الزنا إذا كملت شروطه، والوطء في الدبر مثله في كونه زنا؛ لأنه وطء في فرج امرأة، لا ملك له فيها، ولا شبهة ملك، فكان زنا كالوطء في القبل؛ لأن الله تعالى قال: وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً. ثم بين النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة، وتغريب عام، والوطء في الدبر فاحشة بقوله تعالى في قوم لوط: أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ. يعني: الوطء في أدبار الرجال، ويقال: أول ما بدأ قوم لوط بوطء النساء في أدبارهن، ثم صاروا إلى ذلك في الرجال. اهـ.
والزواج إذا تم مستوفيا شروط الزواج الصحيح، ومن أهمها الولي والشهود، فهو زواج صحيح، وراجع الفتوى رقم: 1766، ففيها بيان شروط الزواج الصحيح.
ولكن يبقى الإشكال في أنك لم تبين ما إن كان العقد قد تم بعد حصول التوبة من هذا الزنا أم لا؟ فإن كان بعد التوبة، فلا إشكال، وإن لم تسبقه التوبة، فهنالك خلاف في صحة زواج الزاني ممن زنى بها قبل التوبة، وعلى قول من يذهب إلى صحته، فإنه يمضي، وانظر الفتوى رقم: 35509.
وننبه إلى أن التوبة لها شروط لا تصح إلا بتحققها، وهذه الشروط موضحة في الفتوى رقم: 5450.
وأما مجرد ابتعاد العاصيين عن بعضهما وترك المعصية، فلا تحصل به التوبة.
والله أعلم.