الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالعلم المثمر للندم، هو العلم بقبح المعصية ومضرتها على العبد في الدنيا والآخرة، والعلم بقدرة الرب تعالى، وإحاطته بالعبد، واطلاعه على مثاقيل الذر من عمله، والعلم بأن غضبه سبحانه لا تقوم له السماوات والأرض، قال أبو حامد -رحمه الله-: الْعِلْمُ فهو معرفة عظم ضرر الذنوب، وكونها حجابًا بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ كُلِّ مَحْبُوبٍ؛ فَإِذَا عَرَفَ ذَلِكَ مَعْرِفَةً مُحَقَّقَةً بِيَقِينٍ غَالِبٍ عَلَى قَلْبِهِ؛ ثَارَ مِنْ هَذِهِ الْمَعْرِفَةِ تَأَلُّمٌ لِلْقَلْبِ بِسَبَبِ فَوَاتِ الْمَحْبُوبِ؛ فَإِنَّ الْقَلْبَ مَهْمَا شَعَرَ بِفَوَاتِ مَحْبُوبِهِ تَأَلَّمَ. فَإِنْ كَانَ فَوَاتُهُ بِفِعْلِهِ، تَأَسَّفَ عَلَى الْفِعْلِ الْمُفَوِّتِ، فَيُسَمَّى تَأَلُّمُهُ بِسَبَبِ فِعْلِهِ الْمُفَوِّتِ لِمَحْبُوبِهِ نَدَمًا. انتهى.
وكون المعاصي حجابًا بين العبد وبين كل محبوب؛ لأنها تحرمه لذة القرب من الله تعالى، والأنس به، كما تحرمه توفيقه سبحانه، ومعونته، فضلًا عن لطفه وثوابه في الآخرة.
فإذا استشعر القلب فوات هذه المصالح العظيمة بسبب المعصية؛ أثمر ذلك كله له الندم، هذا معنى كلام الغزالي -رحمه الله- بإيجاز، وراجع لمزيد الفائدة، فتوانا رقم: 134518.
والله أعلم.