الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد كان الأولى أن تنصحه أولًا بتغيير سلوكه، ومعالجة أخطائه، فإن أصر عليها، فلا بأس حينئذ أن تبلغ عنه، ولا سيما إذا كان ذلك يقتضي تظلمًا منك برفع الضرر الذي لحقك بسبب خطأ منه، فمن حقك ذلك، ولا يلزمك السكوت عنه.
ثم إن الموظف الخائن لا يتغاضى عن تقصيره وخيانته، بل لا بد من نصحه ما أمكن، وإلا فيرفع أمره الى من له سلطة عليه؛ ليحجزه عن الفساد، والتقصير، والظلم، ولا سيما إذا كان في تقصيره تضييع للعمل، وأكل لمال الغير بالباطل، وهذا من باب النصح، وتغيير المنكر، وإزالة الظلم، قال النووي -رحمه الله- في شرحه لصحيح مسلم: وَأَمَّا السَّتْر الْمَنْدُوب إِلَيْهِ هُنَا: فَالْمُرَاد بِهِ السَّتْر عَلَى ذَوِي الْهَيْئَات، وَنَحْوهمْ مِمَّنْ لَيْسَ هُوَ مَعْرُوفًا بِالْأَذَى وَالْفَسَاد.
فَأَمَّا الْمَعْرُوف بِذَلِكَ، فَيُسْتَحَبّ أَلَّا يُسْتَر عَلَيْهِ, بَلْ تُرْفَع قَضِيَّته إِلَى وَلِيّ الْأَمْر، إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْ ذَلِكَ مَفْسَدَة؛ لِأَنَّ السَّتْر عَلَى هَذَا يُطْمِعهُ فِي الْإِيذَاء، وَالْفَسَاد, وَانْتَهَاك الْحُرُمَات، وَجَسَارَة غَيْره عَلَى مِثْل فِعْله. اهـ.
وللفائدة انظر الفتوى رقم: 191087.
والله أعلم.