الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فليس شُحُّ المصادر والمراجع مسوِّغًا لك أن تنتحل عملَ غيرك، فتنسبه لنفسك حتى تنال درجة علمية؛ فقد كان بإمكانك تغيير موضوع الأطروحة، أو عدم إكمال الدراسات العليا رأسًا، والواجب عليك هو أن تتوب من صنيعك توبة نصوحًا، وانظر شروط التوبة النصوح في الفتوى رقم: 9694.
وأما حصولك على وظيفة يُشترط للتقدم لها الحصولُ على درجة الماجستير أو الدكتوراه؛ فلا بأس به إن شاء الله تعالى؛ لأنك حصلت على درجةِ الدكتوراه بجهدك الحقيقي الفِعْلي، والظاهر أن غشَّك القديم في سبيل الحصول على درجة الماجستير غير مؤثر؛ وذلك لأنك حصلت على درجة بعدها هي أعلى منها بطريق مشروعة، فشرط التوظف متحقق فيك، وإباحة الراتب الذي تقبضه من هذه الوظيفة منوطة بأدائك للعمل الذي تم التعاقد معك عليه على الوجه المطلوب منك.
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله تعالى ـ عن رجل يعمل بشهادة علمية، وقد غش في امتحانات هذه الشهادة, وهو الآن يحسن هذا العمل بشهادة رؤسائه، فما حكم راتبه؟ وهل هو حلال أم حرام؟ فأجاب: لا حرج إن شاء الله، عليه التوبة إلى الله مما جرى من الغش، وهو إذا كان قائمًا بالعمل كما ينبغي، فلا حرج عليه من جهة كسبه؛ لكنه أخطأ في الغش السابق، وعليه التوبة إلى الله من ذلك. انتهى كلامه.
وبناء على ما سبق فلا نرى بأسًا من التحاقك بالعمل الجديد في الجامعة، ولا في تقديمك لشهادة الدكتوراه ضمن الأوراق المطلوبة في التعيين. ولا يجب عليك إخبار المسؤولين فيها عن غشك القديم، وما ستحصل عليه من راتب سيكون حلالاً إن شاء الله تعالى، وبإمكانك أن تحج منه، وتنفقه في جميع وجوه البر، وأما قول بعض أهل العلم: إن الأحوط والأورع هو الحصول على درجات علمية جديدة ليطيب لك راتبك؛ فالظاهر أنه إرشاد منه للأفضل، ولا يفيد وجوب ذلك عليك.
وعليك بالإكثار من الاستغفار وفعل الصالحات؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات، كما قال الله تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ {هود:114}.
والله تعالى أعلم.