الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فها هنا أمور بها يتضح جواب سؤالك، ويرتفع عنك الحرج.
أولًا: رطوبة الفرج طاهرة، فلا توجب الاستنجاء، ولكنها ناقضة للوضوء في قول عامة العلماء، ولا ينقض الوضوء إلا ما تحقق خروجه من باطن الفرج.
وأما ما كان ناشئًا من ظاهر الفرج، كالعرق، ونحوه، فلا يبطل الوضوء، وانظري الفتوى رقم: 110928.
ثانيًا: عند الشك في انتقاض الوضوء، فالأصل عدم انتقاضه.
فإذا شككت هل ما ترينه خارج من باطن الفرج أو لا؟ فالأصل صحة وضوئك، ومن ثم؛ فلا يلزمك إعادته.
ثالثًا: أيًّا كانت صفة تلك الرطوبة؛ فإنها متى خرجت من باطن الفرج، كانت ناقضة للوضوء.
ولكن من كانت مصابة بدوام خروج هذه الرطوبة، فحكمها حكم صاحب السلس، فتتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتصلي ما شاءت من الفروض والنوافل حتى يخرج ذلك الوقت.
ولا يلزمها أن تصلي بعد الوضوء مباشرة، بل لها أن تصلي متى توضأت في الوقت في أي جزء من أجزائه، ولا تبطل طهارتها إلا بخروج الوقت، وهذا مذهب الحنابلة، والحنفية.
رابعًا: من شق عليها العمل بهذا القول، فلها سعة في العمل بقول المالكية من كون الحدث الدائم لا ينقض الوضوء، وهو قول قويّ، لا حرج على من أخذ به، كما ذكرنا ذلك في الفتوى رقم: 141250.
خامسًا: لا يجب، ولا يشرع غسل باطن الفرج، ولا يجب غسل تلك الرطوبات أصلًا؛ لأنها طاهرة، ولكن -كما ذكرنا- متى وجدتها وتيقنت أنها خارجة من باطن الفرج؛ فتوضئي، وصلي.
وإن كانت دائمة؛ فتوضئي بعد دخول الوقت، وصلي في الوقت متى شئت.
وإن شق عليك، فلك الأخذ بمذهب المالكية -كما بينا-.
وبهذا التقرير والبيان، يزول عنك الإشكال، ويرتفع الحرج -بإذن الله تعالى-.
والله أعلم.