الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فاعلمي أولا أن الأصل هو قسمة التركة أو المبلغ الذي تركه والدكم على جميع الورثة بحسب الأنصبة الشرعية، وأما غير ذلك من ادعاء الهبة أو الدين على التركة، فلا بد فيه من البينة الشرعية عند المحكمة الشرعية، وشرط صحة هبة المال لَكُنَّ أو لأُمِّكُنَّ أن يكون والدكن قد حصلت الهبة منه في غير مرض مخوف حين وهبكن المال، وأن تَحُزْنَ أنتُنَّ المال الموهوب لكُنَّ في حياة والدكنَّ، فإن اختلَّ شرط من هذين، فإن الهبة لا تصح.
وواضح من السؤال أنكن لم تَحُزْن المال الذي وهبه لكُنَّ والدكن، فإذا مات والدكن قبل أن تَحُزْن ما أراد هبته لكُنَّ، فإن الهبة لم تتم، ويكون المال تركة، تقسم بين جميع الورثة القسمة الشرعية، ولو فُرِضَ أنكن حُزْتُنَّ المال في حياة والدكن، ولكنه كان في مرض مخوف ــ كما قد يفهم من قولك في آخر حياته ــ فإن تلك الهبة تعتبر وصية، والوصية لكُنَّ ممنوعة شرعا؛ لأنه لا وصية لوارث. فتوقف تلك الوصية على رضا بقية الورثة.
وكذا لو أوصى بأن يكون المال لزوجته، فإن الزوجة من جملة الورثة، فلا تصح لها الوصية، وتوقف على رضا بقية الورثة، فمن رضي من الورثة -وهو بالغ رشيد- بالتنازل عن نصيبه في ذلك المال أخذته الزوجة، ومن لم يرض فله أخذ نصيبه الشرعي في الميراث منه.
وكون والدكن كان ينفق على إخوانه في تعليمهم هذا لا يبرر استئثاركن بالتركة دونهم؛ لأنه إن كان ينفق عليهم تبرعا، فأجره على الله، وإن كان ينفق عليهم بنية الرجوع، فإنكن تطالَبْنَ بإقامة البينة على ذلك، وكذا الادعاء بأن أمَكُنَّ باعت ذهبها لتنفق على إخوان زوجها أو أخواته، وأن زوجها وعدها برد ما أنفقته هذا يحتاج لإقامة البينة الشرعية عليه، فإن أقمتن البينة خُصِمَ ما أنفقته من التركة، ودُفِعَ إليها، وقسم الباقي بين جميع الورثة.
ولا بد من الرجوع في مثل هذه الدعاوى إلى المحكمة الشرعية، أو مشافهة أهل العلم إن لم توجد محكمة شرعية.
والله تعالى أعلم.