الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الودائع المصرفية تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ودائع تحت الطلب (الحسابات الجارية).
القسم الثاني: ودائع استثمارية.
وبالنسبة للقسم الأول (الحسابات الجارية) -والظاهر أنه هو محل سؤلك-: فإنها تعتبر قرضًا من صاحب الحساب، والبنك ضامن لها، جاء في القاموس الاقتصادي لمحمد علية (المراد بالحساب الجاري (Current Account): المال المودَع لدى البنك، بحيث يتصرف فيه مع ضمانه، ويحق لصاحبه سحبه في أي وقت شاء.
فالحساب الجاري إذن هو قرض حقيقة؛ فيدخل في ملك المصرف، ويكون مضمونًا عليه، ولو استثمره، فربحه له، ولا يستحق صاحب الحساب شيئًا من الربح، فإن الخراج بالضمان.
ومن ثم؛ فمثل هذا لا يستحق صاحبه شيئًا من أرباح المال، إذا استثمره البنك.
وإذا كان البنك يعطي صاحب الحساب الجاري فوائد على هذا الحساب، فإن هذا البنك يتعامل بالربا، وعلى صاحب الحساب التخلص من الفائدة الربوية، لو أعطيها؛ بدفعها للفقراء، والمساكين، أو المصالح العامة للمسلمين.
وبالنسبة للقسم الثاني: ومنه حساب التوفير، والودائع "الاستثمارية"، فهذه إذا كانت ببنك يلتزم أحكام الشريعة، ويستثمر المال فيما هو مباح، فيستحق صاحب الحساب النسبة المتفق عليها في العقد مع البنك إذا حصل ربح، وهنا لا تكون الوديعة مضمونة إلا في حالة التعدي، والتقصير من البنك.
وأما البنوك الربوية، فليس للمرء معاملتها مطلقًا؛ فإنه لا يجوز الإيداع فيها إلا عند الحاجة الماسة، جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج؛ إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام. انتهى.
ولو احتاج لإيداع المال ببنك ربوي، وأعطاه فائدة على ذلك، فهي فائدة ربوية، مهما كان نوع الحساب، وعلى المرء التخلص من تلك الفائدة؛ بدفعها للفقراء، والمساكين، ولا يتركها للبنك.
والله أعلم.