الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يلهمك رشدك، وأن يوفقك لأرشد أمرك. وأن يصلح أحوال المسلمين.
وأما ما سألت عنه، فجوابه يعتمد على معرفة بابي الفتن، وهما: الشبهات والشهوات.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم: فساد الدين إما أن يقع بالاعتقاد الباطل والتكلم به، أو يقع في العمل بخلاف الاعتقاد الحق. والأول: هو البدع ونحوها. والثاني: فسق الأعمال ونحوها.
والأول: من جهة الشبهات. والثاني: من جهة الشهوات. ولهذا كان السلف يقولون: احذروا من الناس صنفين: صاحب هوى قد فتنه هواه، وصاحب دنيا أعمته دنياه ... وقد وصف الله أئمة المتقين فقال: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24]. فبالصبر تُترك الشهوات، وباليقين تُدفع الشبهات. اهـ.
ومن يطالب بالتساوي في الميراث عنده شبهة. ووجود المرأة المتبرجة مدعاة للشهوة. والناس يتفاوتون في هذين البابين، فمنهم من يستطيع رد الشبهات، ويضعف عن درء الشهوات، ومنهم العكس. فلينظر السائل إلى أشد الأمرين عليه، فليدفعه عن نفسه بتحمل أيسرهما. كما هي القاعدة العامة عند اجتماع المفاسد.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: السيئة تحتمل في موضعين: دفع ما هو أسوأ منها إذا لم تدفع إلا بها، وتحصيل ما هو أنفع من تركها إذا لم تحصل إلا بها ... وذلك ثابت في العقل؛ كما يقال: ليس العاقل الذي يعلم الخير من الشر، وإنما العاقل الذي يعلم خير الخيرين وشر الشرين. اهـ.
وقال أيضا: الواجب تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تعارضت كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما هو المشروع. اهـ.
وانظر للفائدة، الفتوى رقم: 208339.
والله أعلم.