الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالنظر إلى المخطوبة جائز، وليس واجبًا، وأكثر العلماء على استحبابه، وبعضهم يرى إباحته فقط.
وأمّا حدود نظر الخاطب من المخطوبة، فالجمهور على أن المباح هو النظر إلى الوجه، والكفين فقط.
وبعض العلماء يرى جواز النظر إلى ما يظهر غالبًا -كالرأس، والرقبة-، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اتفق الحنفية، والمالكية، والشافعية على أن ما يباح للخاطب نظره من مخطوبته الحرة هو الوجه، والكفان -ظاهرهما وباطنهما- إلى كوعيهما... أما ما يظهر غالبًا سوى الوجه -كالكفين، والقدمين، ونحو ذلك مما تظهره المرأة في منزلها، ففيه روايتان للحنابلة: إحداهما: لا يباح النظر إليه؛ لأنه عورة، فلم يبح النظر إليه، كالذي لا يظهر، والثانية: وهي المذهب، للخاطب النظر إلى ذلك... وقال الأوزاعي: ينظر الخاطب إلى مواضع اللحم. اهـ. وراجع الفتوى رقم: 5814.
وإذا اختلف الخاطب والمخطوبة في حدود نظر الخاطب، فرأت المرأة أو أهلها عدم جواز نظر الخاطب لما سوى الوجه والكفين، فليس للخاطب أن يلزمهم بالإذن له برؤية ما سوى الوجه والكفين، والحل حينئذ، يمكن أن يكون ببعث امرأة تنظر إلى المخطوبة، قال الشيخ زكريا الأنصاري في أسنى المطالب في شرح روض الطالب: فَإِنْ لم يَتَيَسَّرْ نَظَرُهُ إلَيْهَا بَعَثَ امْرَأَةً، أو نَحْوَهَا تَتَأَمَّلُهَا وَتَصِفُهَا له لِأَنَّهُ صلى اللَّهُ عليه وسلم بَعَثَ أُمَّ سُلَيْمٍ إلَى امْرَأَةٍ وقال اُنْظُرِي عُرْقُوبَيْهَا وَشُمِّي عَوَارِضَهَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ ..... وَيُؤْخَذُ من الْخَبَرِ أَنَّ لِلْمَبْعُوثِ أَنْ يَصِفَ لِلْبَاعِثِ زَائِدًا على ما يَنْظُرُهُ هو فَيَسْتَفِيدُ بِالْبَعْثِ ما لَا يَسْتَفِيدُهُ بِنَظَرِهِ. انتهى.
ويجوز للخاطب أن ينظر إلى المخطوبة دون إذنها، أو إذن وليها إذا عزم على الخطبة وظن الإجابة، قال البجيرمي: وَلَا يَتَوَقَّفُ النَّظَرُ عَلَى إذْنِهَا، وَلَا إذْنِ وَلِيِّهَا؛ اكْتِفَاءً بِإِذْنِ الشَّارِعِ. اهـ.
ومن عمل بقول من أقوال أهل العلم في المسائل المختلف فيها، فلا حرج عليه.
ولا يجوز لأحد أن يشنع على أهل العلم، أو ينتقص قدرهم بسبب أقوالهم التي أداهم إليها اجتهادهم، وراجع الفتوى رقم: 179955.
والله أعلم.