الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يقبل توبتك، ويقيل عثرتك، ثم إن هذا النذر الذي صدر عنك هو المعروف بنذر اللجاج، والعبد مخير فيه -على الراجح- بين فعل ما نذره، وبين أن يكفّر كفارة يمين.
وإن كنت استعملت لفظًا يفيد التكرار، كأن قلت: "كلما فعلت هذه العادة، فعليّ صيام هذه الأيام"، فإن الكفارة تتكرر بتكرر الفعل.
وأما إن لم يصدر عنك لفظ يفيد التكرار، فلا تلزمك إلا كفارة واحدة.
وعند الحنابلة أنك إذا لم تكوني كفّرت عن شيء من تلك النذور، فإنه تلزمك كفارة واحدة؛ لأن موجب تلك الكفارات واحد، فتتداخل، ويسعك العمل بهذا القول.
وإن أردت الاحتياط والتكفير عن كل واحد منها، فهو حسن، وراجعي الفتاوى التالية أرقامها: 377689، 296458، 358519.
وإذا علمت هذا؛ فإن أردت الوفاء بما نذرت، فعليك صيام ستة أيام فحسب، ولا يلزمك صيام تسعة؛ لأن الأصل عدم المشكوك فيه، وكذا إذا لم تشترطي تتابعها، فلا يلزمك صومها متتابعة، وانظري الفتوى رقم: 128187.
وللفائدة نبين لك أن الحيض، والمرض لا يقطعان التتابع الواجب في الصوم، وإن كان الصوم لا يلزمك متتابعًا ما دمت لم تنويه -كما ذكرنا-، وانظري الفتوى رقم: 134792.
ولا يعد تفكيرك المذكور موجبًا للكفارة، ما دمت لم تنوي دخوله فيما نذرت تركه.
وحيث اخترت الكفارة لا الصيام، فالواجب عليك إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فإن عجزت عن هذه الثلاثة، فعليك صيام ثلاثة أيام.
والقول في تعدد الكفارة قد مر، وأنه لا يلزمك عند الحنابلة بحال، ويلزمك عند غيرهم، إن كنت تلفظت بلفظ يفيد التكرار.
والله أعلم.