الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما قاله هذا الرجل، فقد يكون من قبيل الفراسة، وقد يكون عرف ذلك بمقدمات وقرائن ظهرت له.
وعلى كل حال، فاستعمال كلمة صدفة، ونحوها كالحظ ونحو ذلك. إذا أريد به أن هذا الأمر حصل اتفاقا من غير ترتيب من الناس؛ فلا بأس به، مع الإيمان والتسليم بأن كل شيء مكتوب عند الله، ومقدر في الأزل.
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: ما رأي فضيلتكم في استعمال كلمة "صدفة"؟
فأجاب بقوله: رأينا في هذا القول أنه لا بأس به، وهذا أمر متعارف. وأظن أن فيه أحاديث بهذا التعبير: صادفْنا رسول الله، صادفَنا رسول الله. لكن لا يحضرني الآن حديث معين في هذا الخصوص.
والمصادفة والصدفة بالنسبة لفعل الإنسان أمر واقع؛ لأن الإنسان لا يعلم الغيب، فقد يصادفه الشيء من غير شعور به، ومن غير مقدمات له، ولا توقع له، ولكن بالنسبة لفعل الله لا يقع هذا، فإن كل شيء عند الله معلوم، وكل شيء عنده بمقدار وهو - سبحانه وتعالى- لا تقع الأشياء بالنسبة إليه صدفة أبدًا، لكن بالنسبة لي أنا وأنت نتقابل بدون ميعاد، وبدون شعور وبدون مقدمات، فهذا يقال له: صدفة، ولا حرج فيه. وأما بالنسبة لفعل الله؛ فهذا أمر ممتنع، ولا يجوز. انتهى.
ومن الأحاديث التي تدل على جواز هذا الاستعمال، والتي أشار إليها الشيخ، قول أنس -رضي الله عنه-: انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم أيمن؛ فانطلقت معه، فناولته إناء فيه شراب. قال: فلا أدري أصادفته صائما، أو لم يرده. أخرجه مسلم.
والله أعلم.