الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان البنك المذكور من البنوك الربوية؛ فلا يجوز فتح الحساب لديه، ولا التعاون معه مطلقًا، ما لم تدع إلى ذلك ضرورة، أو حاجة معتبرة، حتى ولو كان المرء لا يريد التعامل معه، بل يريد الحصول على الخمسين التي جعلها البنك طعمًا لمن يفتح حسابًا لديه؛ لأنها مقابل أمر محرم، وهو فتح حساب لدى البنك الربوي؛ لما يتضمنه ذلك من إقراره على باطله، والواجب إنكار ذلك لا إقراره، قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم: لعن آكل الربا، ومؤكله، وكاتبه، وشاهديه. وقال: هم سواء. قال النووي -رحمه الله-: هذا تصريح بتحريم كتابة المبايعة بين المترابيين، والشهادة عليهما، وفيه تحريم الإعانة على الباطل. اهـ.
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي ما يلي: يحرم على كل مسلم يتيسر له التعامل مع مصرف إسلامي أن يتعامل مع المصارف الربوية في الداخل أو الخارج؛ إذ لا عذر له في التعامل معها مع وجود البديل الإسلامي، ويجب عليه أن يستعيض عن الخبيث بالطيب، ويستغني بالحلال عن الحرام. انتهى.
وهذه الهدية ليست مجانية، بل هي مقابل فتح الحساب لدى البنك الربوي.
وعليه؛ فهذه الخمسين إن كان الحال كما ذكر وقد نزلت في حسابك، فاسحبها، وادفعها للفقراء والمساكين، إلا إذا كنت فقيرًا محتاجًا إليها، فلك الانتفاع بها حينئذ، قال النووي في المجموع: وإذا دفعه -المال الحرام- إلى الفقير لا يكون حرامًا على الفقير، بل يكون حلالًا طيبًا، وله أن يتصدق به على نفسه، وعياله، إن كان فقيرًا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء، فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته؛ لأنه أيضًا فقير. انتهى كلامه.
والله أعلم.