الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فنذرك إعمار الوالدة يعتبر من جملة نذر الطاعة، ويلزمك الوفاء به؛ لحديث: مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ، فَلْيُطِعْهُ. رواه البخاري.
وإذا كانت النية أن تعتمر معها - ولا تستطيع ذلك الآن -، فانتظر حتى تستطيع، ما دمت لم تحدد وقتًا معينًا للوفاء بالنذر، فمتى ما تيسر لك أن ترافقها للعمرة، فأوف بنذرك، والوفاء بالنذر غير المعين بوقت معين، لا يجب على الفور، بل على التراخي، كما نص عليه الفقهاء، قال الشهاب الرملي في الفتاوى: وَالْوَفَاءُ بِالْمَنْذُورِ حَيْثُ لَزِمَ، فَهُوَ عَلَى التَّرَاخِي، إذَا لَمْ يُقَيِّدْهُ النَّاذِرُ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ. اهـ
جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للجزيري: وعلى الناذر أن يفعل ما التزمه عينًا، لكن على التراخي، إن لم يقيده بوقت معين في النذر غير المعلق، وأما في النذر المعلق، فإنه يجب الوفاء به عند وجود المعلق عليه، على التراخي، لا على الفور. اهـ.
وإن كان نذرك هو أن تبذل لها ما تعتمر هي به، من غير أن تكون نيتك أن تذهب أنت معها، فالذي يظهر أنك إذا بذلت لها المال الكافي، ورفضت؛ فإن ذمتك تبرأ بذلك، ولا تطالب بشيء، جاء في أسنى المطالب ــ من كتب الشافعية ــ: وَمَنْ نَذَرَ لِمُعَيَّنٍ، كَقَوْلِهِ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي، فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى فُلَانٍ، فَشُفِيَ، (فَأَعْطَاهُ) الْعَشَرَةَ (وَلَمْ يَقْبَلْ، بَرِئَ)؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِمَا عَلَيْهِ، وَلَا قُدْرَةَ لَهُ عَلَى قَبُولِ غَيْرِهِ. اهـ.
والله تعالى أعلم.