الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمراد من أطلق العبارة المذكورة، هو أن يبني على أول خاطر، سواء كان الأقل أو الأكثر. وقد بينا ذلك في جواب سؤال مشابه لسؤالك، وذلك في الفتوى: 386296، وراجع للفائدة، الفتوى: 257578.
وبما أن النص الذي نقلته هو عن أحد علماء السادة الحنابلة، نضيف لك هنا أن الحنابلة يقررون أن الموسوس يطرح الشك في جميع العبادات، ولا يلتفت إليه.
قال في مطالب أولي النهى: وَ (لَا) يُشْرَعُ سُجُودُ السَّهْوِ (إذَا كَثُرَ) الشَّكُّ، (حَتَّى صَارَ كَوِسْوَاسٍ، فَيَطْرَحُهُ وَكَذَا) لَوْ كَثُرَ الشَّكُّ (فِي وُضُوءٍ وَغُسْلٍ وَإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ)، وَتَيَمُّمٍ، فَيَطْرَحُهُ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ إلَى نَوْعٍ مِنْ الْمُكَابَرَةِ، فَيُفْضِي إلَى زِيَادَةٍ فِي الصَّلَاةِ مَعَ تَيَقُّنِ إتْمَامِهَا، فَوَجَبَ إطْرَاحُهُ، وَاللَّهْوُ عَنْهُ لِذَلِكَ. انتهى.
وهذا القول هو الذي ذكره المرداوي في الإنصاف، ونسبه إلى ابن أبي موسى ومن تبعه، ولم يذكر غيره.
وعبارته: الرَّابِعُ: قَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى وَمَنْ تَبِعَهُ: مَنْ كَثُرَ مِنْهُ السَّهْوُ، حَتَّى صَارَ كَالْوَسْوَاسِ، فَإِنَّهُ يَلْهُو عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ بِهِ إلَى نَوْعِ مُكَابَرَةٍ، فَيَقْضِي إلَى الزِّيَادَةِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ تَيَقُّنِ إتْمَامِهَا وَنَحْوِهِ؛ فَوَجَبَ اطِّرَاحُهُ، وَكَذَا فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ، وَإِزَالَةِ النَّجَاسَةِ نَحْوُهُ. انتهى.
وهذا هو الذي لا ينبغي العدول عنه، سدا لباب الوساوس، وهذا معمول به في جميع العبادات -كما رأيت- فمهما كثر الوسواس أو تزايد، فالذي ينبغي هو طرحه والإعراض عنه بالمرة.
وراجع الفتاوى: 124075، 170129، 195885.
والله أعلم.