الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكرت عن هذا الرجل، فقبيح منه أن يكون تصرفه معك على هذا الحال، فالمصاهرة علاقة لها اعتبارها، وينبغي أن يسود بين الأصهار حسن العشرة، وكان هذا هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ ولأنها وشيجة امتن الله عز وجل على الناس بها فقال: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا {الفرقان:54}، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإنه يقابل إحسانك له بالإساءة إليك، بخلاف أهل الدين والكرم؛ فإنهم يقابلون الإحسان بالإحسان، ويحفظون الجميل لمن قدم إليهم معروفا، وأكرم الأكرمين يقول في محكم كتابه: هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ {الرحمن:60}.
وروى أبو داود والنسائي عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صنع إليكم معروفا، فكافئوه.
ولك أن تهجريه ما دمت تتأذين منه, وكذلك يجوز قطعك الصدقة عنه، والأفضل أن لا تفعلي، إلا إذا رجوت أن يكون ذلك رادعا له عن سوء تصرفه، فالصبر على أذى المسيء، ومواصلة الإحسان إليه، يرجى أن يكون سببا لصلاحه وكفه أذاه، قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
قال ابن كثير: ادفع بالتي هي أحسن؛ أي: من أساء إليك، فادفعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر -رضي الله عنه-: ما عاقبتَ من عصى الله فيك، بمثل أن تطيع الله فيه.
وقوله: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم؛ وهو الصديق، أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك، قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك، ومحبتك، والحنو عليك، حتى يصير كأنه ولي لك حميم؛ أي: قريب إليك من الشفقة عليك، والإحسان إليك. اهـ.
والله أعلم.