الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يتقبل توبتك، ويعفو عن سيئاتك، فقد أحسنت بالتوبة إلى الله عز وجل من هذا الذنب العظيم، والفعل الشنيع، فأختك محرم لك، ومن شأن الشخص السويّ، وصاحب الفطرة السليمة أن يكون حاميًا لعرضه، ومدافعًا عنه، لا أن يكون المعتدي عليه؛ فهو بذلك إنما جنى على نفسه.
ولولا لطف الله تعالى ورحمته لحدث ما هو أسوأ، وأعظم نكرًا من مجرد التحرش، نعني زنى المحارم، وهو من أشد أنواع الزنى، كما بين أهل العلم، وانظر الفتوى: 2376، والفتوى: 78360.
وإن صح ما ذكرت عن أختك من أنها تخرج لتلتقي مع بعض الشباب، فقد أساءت بذلك إساءة بالغة، وسلكت مسلكًا خطيرًا، قد تكون عواقبه سيئة، فيجب مناصحتها بالحسنى، والأخذ بيدها، وعلى وليّها الحزم معها، وإن اقتضى الأمر حبْسها، ومنعها من الخروج، حبَسها؛ فهي أمانة عنده، ومسؤول عنها أمام الله عز وجل يوم القيامة.
والأولاد هم محل وصية الله عز وجل، كما في قوله: يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ {النساء:11}، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسيره: أي: أولادكم -يا معشر الوالدين- عندكم ودائع، قد وصاكم الله عليهم؛ لتقوموا بمصالحهم الدينية، والدنيوية، فتعلمونهم، وتؤدبونهم، وتكفونهم عن المفاسد، وتأمرونهم بطاعة الله، وملازمة التقوى على الدوام، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ. فالأولاد عند والديهم موصى بهم، فإما أن يقوموا بتلك الوصية، وإما أن يضيعوها، فيستحقوا بذلك الوعيد، والعقاب. اهـ.
وفي الصحيحين من حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته... والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته... الحديث.
ولا تنسوا الدعاء لها بأن يهديها ربها، ويرزقها سلوك سبيل الاستقامة، وكذلك السعي في تزويجها، ولتراجع الفتوى: 376744.
وإن كانت أختك قد أخبرت بما كان قد حدث منك معها من تحرشك بها، فقد أساءت أيضًا من هذه الجهة؛ إذ لا غرض شرعي صحيح يدعوها لذلك، خاصة وأنك قد تبت مما فعلت.
وإن سألت أمّك، فإن أمكنك استخدم المعاريض، فلا بأس بذلك، ففيها مندوحة عن الكذب، وإلا فما عليك إلا أن تنكر الأمر؛ تفاديًا لما قد يترتب على الإقرار من مفاسد، والإنكار وإن كان كذبًا، فإنه يباح إذا كان لا بد منه؛ دفعًا للمفاسد الأعظم، وراجع بشأن ذلك الفتوى: 56369، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.