الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا نرجو أن يكون بين الزوجين التفاهم، والاحترام المتبادل.
ومطلوب من المسلم والمسلمة اجتناب مواطن الشبهات، والبعد عن الوقوع فيما قد يحتاج إلى الاعتذار منه، روى الطبراني، وغيره، عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وإياك وما يعتذر منه. وروى البخاري في صحيحه عن علي بن الحسين -رضي الله عنهما- قال: إن صفية زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته، أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوره في اعتكافه في المسجد، في العشر الأواخر من رمضان، فتحدثت عنده ساعة، ثم قامت تنقلب (أي: ترجع)، فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها، حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة، مرّ رجلان من الأنصار، فسلّما على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم: على رِسْلكما، إنها صفية بنت حيي، فقالا: سبحان الله، يا رسول الله، وكبُر عليهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم، وإني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا.
قال النووي في شرح مسلم: فيه: استحباب التحرز من التعرض لسوء ظن الناس في الإنسان، وطلب السلامة، والاعتذار بالأعذار الصحيحة، وأنه متى فعل ما قد ينكر ظاهره مما هو حق وقد يخفى، أن يبين حاله؛ ليدفع ظن السوء.
وفيه: الاستعداد للتحفظ من مكايد الشيطان؛ فإنه يجرى من الإنسان مجرى الدم، فيتأهب الإنسان للاحتراز من وساوسه، وشره. اهـ.
وإذا كان الزوج يعلم حقيقة المتصل، فقد يجهله غيره.
ثم إنه لا يبعد أن يترتب على ذلك أن يوقع الشيطان في قلب الزوج شكوكًا حول زوجته، فيسيء بها الظن بعد أن كان يحسن بها الظن، وهما في غنى عن هذا كله، والسلامة لا يعدلها شيء.
وأمر الشبهة ها هنا واضح، فمن يرى اسم زوج الأخت، وهو لا يدري أن المتصل، أو المرسل هي الأخت نفسها، قد يسيء الظن بزوجتك، فهذا سبب وجيه لمنعها، فيجب عليها طاعتك في ذلك؛ لأن طاعة الزوجة زوجها في المعروف واجبة، كما هو مبين في الفتوى: 1780.
والله أعلم.