الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذه الشكوك والوساوس في غير محلها؛ مما يدل على أنها غير طبيعية، بل هي من الشيطان.
وعلى المرء أن يعرض عنها، ولا يلتفت إليها، فلا تلزمه كفارة، ولا دية، ولا غير ذلك، إنما يلزمه مقدار الضرر الذي أصاب سيارة الطرف الآخر، ويرجع في تحديد ذلك إلى أهل الخبرة، والاختصاص.
وإن كان لا يستطيع الوصول إليه؛ لجهله به، ونحو ذلك، فليتصدق بمقدار قيمة الضرر عنه إلى الفقراء، والمساكين؛ عملًا بالمستطاع؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ {التغابن:16}، وقوله: لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا {الأعراف:42}.
وليعلم صديقك أن خير علاج لهذه الوساوس ما ذكره ابن حجر الهيتمي لما سئل عن داء الوسوسة، هل له دواء؟
فأجاب: له دواء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية -وإن كان في النفس من التردد ما كان-، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرّب ذلك الموفّقون.
وأما من أصغى إليها، وعمل بقضيتها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيّز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها، وإلى شيطانها … وجاء في الصحيحين ما يؤيد ما ذكرته، وهو أن من ابتلي بالوسوسة، فليعتقد بالله، ولينته.
فتأمل هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته.
واعلم أن من حُرِمَهُ حُرِمَ الخير كله؛ لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقًا، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال، والحيرة، ونكد العيش، وظلمة النفس، وضجرها ... اهـ.
والله أعلم.