الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن تحرش الأب بزوجة الابن أمر جليل، ومنكر عظيم، وكيف يقدم على هذا التصرف معها، وهي من محارمه، والمرجو من مثله أن يكون حاميا لعرضها، ومدافعا عنه، وهذا دليل ضعف إيمان، وانتكاس فطرة، وقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي مسعود -رضي الله عنه- قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستح فاصنع ما شئت.
وهذا هو الحكم العام في هذا الفعل، وبخصوص ما نسبته زوجتك لأبيك، فالأصل براءته من ذلك حتى يثبت العكس، ويجب عليك بكل حال البر بأبيك، والإحسان إليه، فمن حق الوالد على ولده أن يحسن إليه، وإن أساء. وسبق بيان ذلك في الفتوى: 354847.
وإذا وجدت زوجتك من أبيك أو غيره ريبة، فالواجب عليها نصحه، وتذكيره بالله تعالى، فإن انتهى فذاك، وإلا فيمكنها أن تهدده بإخبارك بالأمر وفضحه، فإن ازدجر وإلا فلتعامله معاملة الأجنبي، ولا تمكنه من الخلوة بها، ولا تضع حجابها بوجوده، ونحو ذلك. ولمزيد الفائدة نرجو مطالعة الفتوى: 111123.
وإن كانت تسكن مع والدك في نفس البيت، فإن كان لا بد من سكناه معها، فلتكن في جانب مستقل بمرافقه ينتفي عنها فيه الحرج، وتأمن دخوله عليها فيه. وإن أمكن أن تكون مع أهلها، فقد يكون ذلك أفضل لها وأصون.
ونوصيك بالاجتهاد في البحث عن سبيل لأن تكون زوجتك معك، تقيم معك حيث تقيم، لتصون نفسك وتعفها. هذا مع العلم بأن من حقها عليك أن لا تغيب عنها أكثر من ستة أشهر إلا بإذنها.
وراجع الفتوى: 110912، والفتوى: 27662.
والله أعلم.