الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما شعورك بالضيق فلا لوم عليك فيه، ولا تأثمين به، ولكن عليك أن توطني نفسك على الرضا بهذا الأمر، وتعلمي أن زوجك خارج في طاعة الله، وابتغاء مرضاته، واحرصي على أن تكوني عونا له على الخير، وهو غير آثم بترككم والسفر لأداء حج التطوع وعمرة التطوع، وذلك ما لم يطل غيابه عن ستة أشهر، فإن للرجل أن يسافر في حاجته ما لم تطل مدة سفره عن ستة أشهر؛ كما قرر ذلك الفقهاء.
قال البهوتي في كشاف القناع: وإن لم يكن للمسافر (عذر مانع من الرجوع وغاب أكثر من ستة أشهر فطلبت قدومه لزمه ذلك) لما روى أبو حفص بإسناده عن يزيد بن أسلم قال بينا عمر بن الخطاب يحرس المدينة فمر بامرأة وهي تقول: تطاول هذا الليل واسود جانبه وطال علي أن لا خليل ألاعبه
فوالله لولا خشية الله والحيا لحرك من هذا السرير جوانبه
فسأل عنها فقيل: له فلانة زوجها غائب في سبيل الله، فأرسل إليها امرأة تكون معها، وبعث إلى زوجها فأقفله، ثم دخل على حفصة فقال: بنية كم تصبر المرأة عن زوجها؟ فقالت: سبحان الله؛ مثلك يسأل مثلي عن هذا؟ فقال: لولا أني أريد النظر للمسلمين ما سألتك، فقالت: خمسة أشهر ستة أشهر، فوقت للناس في مغازيهم ستة أشهر، يسيرون شهرا، ويقيمون أربعة أشهر، ويرجعون في شهر، ومحل لزوم قدومه (إن لم يكن له عذر) في سفره كطلب علم (أو كان في غزو أو حج واجبين أو) في (طلب رزق يحتاج إليه نصا) فلا يلزمه القدوم، لأن صاحب العذر يعذر من أجل عذره. انتهى.
والله أعلم.