الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ذهب المالكية إلى أن الرجعة في وقت الردة لا تصح، وعللوا ذلك ببينونة الزوجة عن زوجها بالردة.
قال الحطاب في مواهب الجليل عند الكلام عمن تصح رجعته: وأما المرتد فلا؛ لأن بردته تبين منه زوجته. اهـ.
وقد ذهب إلى عدم صحتها أيضا الشافعية، وبعض الحنابلة، وعللوه بأن الرجعة كإنشاء النكاح، فلا تصح الرجعة في الردة. ذكره صاحب مغني المحتاج.
وهنالك قول لبعض الحنابلة، واختاره المزني من الشافعية، وهذا التفصيل في المسألة.
قال ابن قدامة في المغني: فإن راجعها في الردة من أحدهما، فذكر أبو الخطاب أنه لا يصح، وهو صحيح مذهب الشافعي؛ لأنه استباحة بضع مقصود، فلم يصح مع الردة كالنكاح. ولأن الرجعة تقرير للنكاح، والردة تنافي ذلك، فلم يصح اجتماعهما. وقال القاضي: إن قلنا تتعجل الفرقة بالردة لم تصح الرجعة؛ لأنها قد بانت بها. وإن قلنا لا تتعجل الفرقة، فالرجعة موقوفة إن أسلم المرتد منهما في العدة، صحت الرجعة؛ لأننا تبينا أنه ارتجعها في نكاحه، ولأنه نوع إمساك فلم تمنع منه الردة، كما لو لم يطلق. وإن لم يسلم في العدة، تبينا أن الفرقة وقعت قبل الرجعة، وهذا قول المزني واختيار أبي حامد. اهـ.
ولم نجد للحنفية كلاما في هذه المسألة.
والرجعة بالفعل ومنه الجماع، في صحتها، خلاف كبير، سبق بيانه في الفتوى: 54195.
وننبه إلى أن السؤال إن كان متعلقا بنازلة معينة، فالأولى مراجعة المحكمة الشرعية؛ فحكم القاضي رافع للخلاف في مسائل الاجتهاد.
جاء في الفروق للقرافي: اعلم أن حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف، ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم.... اهـ.
والله أعلم.