الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فرب المال إذا طلب من المضارب بيع بضاعته، وكان في بيعها ربح لهما، فأبى، فإنه يرفع أمره للحاكم؛ ليجبره على البيع إذا رأى المصلحة في ذلك، على خلاف بين أهل العلم في هذا الإجبار.
جاء في المدونة عن الإمام مالك: إن اشترى -يعني المضارب- به سلعا، ثم أراد رب المال أن يبيع على العامل السلع مكانه، أنه ليس ذلك لرب المال. ولكن ينظر السلطان في ذاك، فإن كان إنما اشتراها لسوق يرجوه، فليس ذلك لرب المال أن يجبره على بيع تلك السلع. ولكن يؤخرها إلى تلك الأسواق التي يرجوها؛ لئلا يذهب عمل هذا العامل باطلا. اهـ.
وقال ابن قدامة في المغني: إن طلب رب المال البيع، وأبى العامل، ففيه وجهان:
أحدهما يجبر العامل على البيع. وهو قول الشافعي؛ لأن عليه رد المال ناضا كما أخذه.
والثاني: لا يجبر إذا لم يكن في المال ربح، أو أسقط حقه من الربح؛ لأنه بالفسخ زال تصرفه، وصار أجنبيا من المال، فأشبه الوكيل إذا اشترى ما يستحق رده، فزالت وكالته قبل رده. اهـ.
وراجع في ذلك، الفتوى: 103469.
وطالما لم يرفع السائل أمره للقاضي ليجبر المضارب على البيع، فليس على المضارب ضمان، إلا إذا فرط أو تعدى؛ لأن يده يد أمانه، وانظر الفتويين: 116582، 158273.
فإذا لم يثبت أن قريب السائل تعدى في استثمار المال، أو فرط في حفظه، فليس عليه ضمان الخسارة، وبالتالي فإن السائل (رب المال) يتحمل الخسارة في ماله، ويخسر المضارب جهده. وانظر للفائدة الفتوى: 146323.
والله أعلم.