الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالموظف إذا رأى تقصيرا وخيانة أو ظلما من أحد الموظفين، أو المسؤولين، فالواجب عليه إنكار ذلك المنكر حسب استطاعته، والسعي في منع تلك المخالفات قدر طاقته. ولا سيما إذا كان لا يعلم بهذه المخالفات غيره، ولو لم ينكر، أو يعلم صاحب الحق ضاع حقه. فعن أبي سعيد -رضي الله عنه- أنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا، فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الإِيمَانِ.
قال النووي: .. ثم إنه قد يتعين، كما إذا كان في موضع لا يعلم به إلا هو، أو لا يتمكن من إزالته إلا هو ..
وقد سئل الشيخ ابن باز -رحمه الله-: إذا لمست- يا سماحة الشيخ- من أحد العاملين في الإدارة تقصيرًا في عمله، أو فسادًا في خلقه، فهل يجوز لي أن أبلغ عنه المسؤول في الإدارة؟
فأجاب: المشروع لك نصيحته، وتوجيهه إلى الخير، وحثه على أداء الأمانة.
فإن لم يمتثل، فالواجب الرفع عنه إلى الجهة المختصة؛ لقول الله عز وجل: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، ثلاثًا، قيل: لمن يا رسول لله؟ قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامتهم. اهـ.
لكن من لم يستطع الإنكار خشية الضرر الذي سيلحقه بسبب ذلك، فهو معذور حينئذ، لكن عليه أن يعلم صاحب الحق بطريقة لا يلحقه من إعلامه فيها ضرر؛ ليرفع صاحب الحق الظلم عن نفسه، ويتدارك حقه إن شاء.
وأما مسألة التأمين الاجتماعي وهل يحق لأصحاب العمل تسجيل رواتب أقل، تهربا من إلزامهم بدفع أكثر؟ وماذا يحق للعامل الانتفاع به منه؟ كل ذلك فيه تفصيل لا يمكننا فرض احتمالاته في هذه الفتوى، ويمكنك مشافهة أهل العلم بالمسألة؛ ليستفصلوا منك عما لا بد من الاستفصال عنه؛ لتأثيره في الحكم. وللفائدة، انظر الفتويين: 377008/52082
والله أعلم.