الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذا المال يعتبر لقطة، وملتقطه هو من وجده -وليس من أهدى الحذاء-، فيعرّفه سنة ويبحث عن ربه، فإن وجد رب المال خلال السنة، وإلا أصبح المال للملتقط بعدها.
جاء في كشاف القناع: (وإن وجد) مشتر (في حيوان اشتراه، كشاة ونحوها نقدا ف) هو (لقطة لواجده يعرفها) أي: يلزمه تعريفها كسائر الأموال الضائعة (ويبدأ) في التعريف (بالبائع؛ لأنه يحتمل أن تكون) الشاة (ابتلعتها في ملكه)، (كما لو وجد صيداً مخضوباً أو في أذنه قرط، أو في عنقه خرز) فإنه لقطة؛ لأن ذلك الخضاب، ونحوه يدل على ثبوت اليد عليه قبل ذلك.
(وإن اصطاد سمكة من البحر فوجد في بطنها درة غير مثقوبة فهي) أي: الدرة (له) للصائد؛ لأن الظاهر ابتلاعها من معدنها؛ لأن الدر يكون في البحر، قال تعالى {وتستخرجوا منه حلية تلبسونها} [النحل: 14].
(وإن باعها) أي: السمكة (غير عالم بها) أي: بالدرة (لم يزل ملكه) أي: الصياد (عنها) أي: الدرة (فترد إليه)؛ لأنه إذا علم ما في بطنها لم يبعه، ويرض بزوال ملكه عنه، فلم يدخل في البيع (كما لو باع داراً له فيها مال) مدفون (لم يعلم به).
وإن (وجد) الصياد (في بطنها) أي: السمكة (ما لا يكون إلا للآدمي كدراهم أو دنانير أو) وجد فيه درة أو غيرها مثقوبة أو متصلة بذهب أو فضة أو (غيرهما) فلقطة لا يملكها الصياد، بل يعرفها (أو) وجد ما ذكر (في عين أو نهر ولو) كان النهر (متصلاً بالبحر فلقطة) على الصياد تعريفها عملا بالقرائن.
(وإن وجدها) أي: الدراهم أو الدنانير أو الدرة المثقوبة ونحوها (المشتري) للسمكة (فالتعريف عليه)؛ لأنه الملتقط. اهـ.
وإن كان لا يُرجى الوصول إلى رب اللقطة؛ فإنه لا يجب تعريفها عند بعض العلماء، جاء في كشاف القناع: (وإن كان لا يرجى وجود صاحب اللقطة)، ومنه لو كانت دراهم أو دنانير ليست بصرة ولا نحوها على ما ذكره ابن عبد الهادي في مغني ذوي الأفهام حيث ذكر أنه يملكها ملتقطها بلا تعريف (لم يجب تعريفها في أحد القولين) نظراً إلى أنه كالعبث، وظاهر كلام التنقيح، والمنتهى، وغيرهما: يجب مطلقاً. اهـ.
وراجع للفائدة الفتوى: 220084.
والله أعلم.