الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فقول الله تعالى: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ {الْمُؤْمِنُونَ:29}، معناها: وَقُلْ عند نزولك من الفلك: رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبارَكًا. أي: اجعل إنزالي، أو مكانه إنزالًا، أو مكانًا مباركًا، أي: فيه الخير، والبركة. وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ.
ويجوز لمن سكن بيتًا جديدًا، أو يريد أن يشتري بيتًا أن يدعو الله بهذه الآية الكريمة: وَقُلْ رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ [المؤمنون:29]، وقد رُوِيَ عن سلف هذه الأمة من الصحابة، والتابعين، أنهم كانوا يقرؤونها عند دخول المنزل، وفي المسجد، وفي المجالس، قال القرطبي في تفسير هذه الآية: وَبِالْجُمْلَةِ: فَالْآيَةُ تَعْلِيمٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِعِبَادِهِ إِذَا رَكِبُوا، وَإِذَا نَزَلُوا أَنْ يَقُولُوا هَذَا، بَلْ وَإِذَا دَخَلُوا بُيُوتَهُمْ وَسَلَّمُوا قَالُوا. وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ كَانَ إِذَا دَخَلَ الْمَسْجِدَ قَالَ: اللَّهُمَّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وأنت خير المنزلين. اهـ.
وقال الزرقاني في شرحه للموطأ عند شرحه لحديث: مَنْ نَزَلَ مَنْزِلًا، فَلْيَقُلْ: أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ. قال: وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ مُجَاهِدٍ: أَنَّهُ يَقْرَأُ مَعَ الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ: {رَبِّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ} (الْمُؤْمِنُونَ:29)، وَ{رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ} (الْإِسْرَاءِ:80) الْآيَةَ، وَأَنَّ ذَلِكَ حَسَنٌ عِنْدَ الْإِشْرَافِ عَلَى الْمَنْزِلِ، وَأَنَّ اللَّهَ قَالَهُ لِنُوحٍ حِينَ نَزَلَ مِنَ السَّفِينَةِ. اهــ.
وروى الدولابي في الكنى والأسماء ــ موقوفًا ــ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: مَنْ جَلَسَ مَجْلِسًا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا، وَأَنْتَ خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ؛ كَانَ ضَامِنًا عَلَى اللَّهِ مَا جَلَسَ فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ، أَوْ يَرْفُثْ. اهــ.
وانظر لمزيد من الفائدة الفتويين: 234838، 95575.
والله تعالى أعلم.