الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحدوث المشاكل بين الزوجة وأمّ الزوج، مما يكثر في المجتمعات، وتختلف الأسباب في ذلك، ولكن أن يصل الأمر إلى هذا الحد من الإيذاء، والتسلط، فهذا أمر غريب. ولا شك في أن هذا من البلاء العظيم، فينبغي أن تتسلي بالصبر، فعاقبة الصبر خير، وانظري الفتوى: 18103، ففيها بيان فضل الصبر.
ونوصيك أيضًا بالدعاء بأن يصلح ما بينك وبينها، وأن يرد عنك كيدها.
ومن الأدعية التي تناسب هذا المقام دعاء المكروب، وهو في الحديث الذي أخرجه البخاري، ومسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو عند الكرب، يقول: لا إله إلا الله العظيم الحليم، لا إله إلا الله رب السماوات والأرض، ورب العرش العظيم.
وروى أحمد، وأبو داود عن نفيع بن الحارث -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: دعوات المكروب: اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله، لا إله إلا أنت.
ومن حقك على زوجك أن يوفر لك مسكنًا مستقلًّا، ولو عن طريق الأجرة، فلا يلزمك شرعًا السكنى مع أقاربه، كما هو مبين في الفتوى: 34802، والفتوى: 66191.
وغالبًا ما يكون سكنى الزوجة مع أهل الزوج في مسكن واحد، سببًا في وجود مثل هذه المشاكل، فينبغي أن ينتبه الأزواج لذلك.
وقد يكون الأولى أن يكون السكن بعيدًا عن أهل الزوج.
وصحيح ما ذكر من أنه لا يجوز خروج المرأة من بيتها بغير إذنه، هذا هو الأصل، ولكن هذا حيث لم يكن لها عذر في ذلك.
وأما مع وجود العذر، فلا حرج في ذلك، وتجدين هذا موضحًا في الفتوى: 136039.
وبخصوص قول زوجك لك: "إذا خرجت من المنزل، فأنت طالق"، فإن كنت لم تعلمي بهذا الطلاق المعلّق إلا بعد الخروج، ولو كنت علمت به قبل ذلك لم تخرجي، فلا يقع الطلاق عند فقهاء الشافعية، وأوضحنا كلامهم في هذا في الفتوى: 211630، فراجعيها.
وننصح بتوسيط العقلاء، والسعي في الإصلاح، واتخاذ الاحتياطات التي تحول دون تجدد مثل هذه المشاكل؛ لتستقر الأسرة، خاصة وأن الله تبارك وتعالى قد رزقكما الأولاد، فقد يتضررون بافتراقكما.
والله أعلم.