الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن من قال: سبحان الله وبحمده، غرست له نخلة في الجنة، كما في حديث ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم: من قال: سبحان الله وبحمده، غرست له نخلة في الجنة. رواه البزار، وإسناده جيد. كما قال الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: صحيح لغيره.
وعبارة: شجرة: التي ذكرتَها قد وردتْ في رواية للنسائي، ففي مرعاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح: ووقع في رواية النسائي: شجرة بدل: نخلة، لكن تحمل هذه الرواية المطلقة على المقيدة بالنخلة، فيكون المغروس هنا في الجنة هو النخلة. انتهى.
فمن قال: سبحان الله وبحمده، غُرست له نخلة في الجنة، بكل مرة قالها. قال المناوي في فيض القدير: (غرست له بها نخلة في الجنة) أي: غرست له بكل مرة نخلة فيها، وخص النخل لكثرة منافعه، وطيب ثمره. انتهى.
ومن قال: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضى نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته، فلا تغرس له أشجار، أو نخيل بمثلها، والعلم عند الله تعالى؛ لأنه في الحقيقة لم يسبح إلا تسبيحة واحدة، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى الكبرى: «وقولُ النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين جويرية: لقد قلت بعدك أربع كلمات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله عدد خلقه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله رضى نفسه، سبحان الله مداد كلماته». أخرجه مسلم في صحيحه.
فمعناه: أنه سبحانه يستحق التسبيح بعدد ذلك، «كقوله صلى الله عليه وسلم: ربنا ولك الحمد، ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما بينهما، وملء ما شئت من شيء بعد». ليس المراد أنه سبح تسبيحًا بقدر ذلك. فالمقدار تارة يكون وصفًا لفعل العبد، وفعله محصور. وتارة يكون لما يستحقه الرب، فذاك الذي يعظم قدره؛ وإلا فلو قال المصلي في صلاته: سبحان الله عدد خلقه، لم يكن قد سبح إلا مرة واحدة. ولما شرع النبي صلى الله عليه وسلم أن يسبح دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، ويحمد ثلاثًا وثلاثين، ويكبر ثلاثًا وثلاثين، فلو قال: سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، عدد خلقه، لم يكن قد سبح إلا مرة واحدة. انتهى.
والله أعلم.