الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث الذي أشرت إليه في سؤالك رواه مسلم في صحيحه، فهو حديث صحيح.
وقد نقلنا شيئًا من كلام أهل العلم في معناه، فيمكنك مطالعة الفتوى: 133284، وقد أوضحنا فيها حكم مقبض شعر الرأس:
فإن كان هذا هو المقصود بما أسميته بالقراصة، فحكمه الجواز.
وإن كان المقصود بها كعكة الشعر، فقد بينا أنها جائزة أيضًا، وأنها لا تدخل في النهي الوارد في الحديث، كما في الفتوى 125604.
وإن كنت تقصدين بها معنى آخر، فنرجو بيانه.
وأما حكمة هذا النهي، فنقول ابتداء: إنه لا بأس أن يلتمس المسلم حكمة الأحكام الشرعية، ولكن عليه أن يرضى، ويسلم، أدرك الحكمة أم لم يدركها؛ لأن المؤمن على يقين من أن العليم الحكيم لا يشرع شيئًا إلا لحكمة، قد يطلع الناس عليها، وقد يخفيها عنهم، قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء:65}.
ولعل من حكمة هذا النهي هو كون هذا الفعل نوعًا من التبرج، ودعوة لفتنة قلوب الرجال؛ بلفت أنظارهم إلى المرأة، وقد جاء الإسلام بسد الذرائع إلى الشر والفساد، قال الشيخ ابن عثيمين في فتاوى نور على الدرب: إذا عكفته حتى لفت نظر الرجال، فلا شك أن هذا من التبرج، ولا يجوز؛ لأنه يحصل به الفتنة.
وأما إذا كان أقل من ذلك، فلا بأس به.
ولكن الأولى بالمرأة أن تدع كل شيء يحتمل أن تكون به الفتنة. اهـ.
وقد تكون هنالك بعض الحكم التي لا نعلمها.
وما جاء في هذا الحديث من كونهن لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها؛ من باب التغليظ، وبيان خطورة التبرج، ولا يعني عدم دخولهن الجنة بالكلية، وللمزيد في معنى هذه اللفظة، راجعي الفتوى: 31033.
وننبه إلى أمرين:
الأول: أنه يجب الحذر من استصغار الذنوب، ولو كانت من صغائرها، فضلًا عن أن تكون من الكبائر، جاء في صحيح البخاري عن أنس -رضي الله عنه-، قال: إنكم لتعملون أعمالًا، هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من الموبقات. قال أبو عبد الله -البخاري-: يعني بذلك المهلكات.
الثاني: أن من جهل شيئًا من معاني نصوص الشرع، أو أحكامه، فليسأل مستفهمًا، ولا يسأل معترضًا؛ لأن هذا ينافي الأدب مع أحكام الشرع؛ إذ الأصل في المسلم أن يستسلم، وينقاد لحكم الله تعالى، وشرعه.
والله أعلم.