الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قمت به من تحري المستوى الدراسي لهذه الفتاة، أمر حسن، ولكن أهم منه أمر الدين، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين، تربت يداك.
قال الإمام المناوي في فيض القدير: قال القاضي: عادة الناس أن يرغبوا في النساء، ويختاروها لإحدى أربع خصال عدها. واللائق بذوي المروءات وأرباب الديانات، أن يكون الدين مطمح نظرهم فيما يأتون ويذرون، سيما فيما يدوم أمره ويعظم خطره، فلذلك حث المصطفى صلى الله عليه وسلم بآكد وجه وأبلغه، فأمره بالظفر بذات الدين الذي هو غاية البغية، ومنتهى الاختيار، والطلب الدال على تضمن المطلوب؛ لنعمة عظيمة وفائدة جليلة. اهـ.
والتساهل في التعامل بين الخاطبين مدخل من مداخل الشيطان، وهذا ما كان منكما، فأوقعكما بسببه في مصيدته، وقد حذر الله تعالى من شره فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ..... {النور:21}.
فما كان لك التساهل معها والخلوة بها، روى أحمد والترمذي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا لا يخلون رجل بامرأة، إلا كان ثالثهما الشيطان.
أما وقد حدث ما حدث، فالواجب عليكما التوبة، وأن تقطع كل علاقة لك بها؛ فهي أجنبية عنك، حتى يعقد لك عليها العقد الشرعي، وانظر الفتوى: 343282.
ونحن لا ندعوك للتعجل لفسخ الخطوبة، ولكن انظر في أمرها: فإن غلب على الظن أن ما فعلته معك زلة منها، تابت وندمت على فعلها، فلا بأس بالزواج منها، واجتنب كل شكوك لا تستند على بينة؛ فالأصل السلامة حتى يتبين خلافها.
وإن تبين أنها غير مرضية في دينها، فالأولى فسخ الخطبة، فذلك أهون من أن يتم الزواج، ويكون بعده الخصومة والفراق. وفسخ الخطبة جائز للطرفين معا، وخاصة إن دعت إليه حاجة؛ لأنها مجرد مواعدة، فليس في مجرد فسخها ظلم. وراجع الفتوى: 18857.
والله أعلم.