الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذه المسألة من مسائل الخلاف والنظر، سواء في أصلها -وهو حكم قبول هذا البقشيش ابتداءًا- أو في خصوص الصورة المذكورة في السؤال من اشتراك العاملين فيما يُعطَونه!
وبالنسبة للأصل: فالذي نراه هو جواز أخذ العامل لهذا البقشيش، إن أعطيه دون سؤال، على سبيل الإكرام والإحسان من الزبون، وليس في مقابل عمله، وراجع في ذلك الفتوى: 235588.
وإذا جاز قبول البقشيش، فإنه في حكم الهبة، وهي على شرط الواهب، فإن أعطاه نزيل الفندق لخصوص الموظف الذي تعامل معه، فهو له. وإن أعطاه إياه، له ولزملائه في العمل، فهو لهم جميعا. وإن لم يعين جهة، فالأصل أنه لمن حازه، إلا أن يطرد العرف في هذا البلد أن البقشيش يدفع لجميع الموظفين، لا لخصوص من حازه.
وإذا كان البقشيش خاصا بآخذه، وأراد الموظفون الاشتراك فيما يأخذونه، وقسمته عليهم جميعا، فهذا إن كان على سبيل التراضي من غير عقد ملزم، فلا حرج فيه. وأما إن كان على سبيل التعاقد الملزم، فصحته شرعا محل بحث ونظر؛ تخريجا على اختلاف أهل العلم في صحة شركة الأبدان، والجمهور على صحتها في الجملة، والربح فيها على ما اتفقوا عليه، من مساواة أو تفاضل، كما سبق بيانه في الفتويين: 72115، 97189.
وعلى ذلك؛ فلا يسع السائل إن دخل في مثل هذه المشاركة مع زملائه: أن يكتم شيئا مما يأخذه لنفسه. ولكنه إن فعل، فليس ذلك من السرقة الموجبة لقطع اليد، فإن لهذه شروطا لا بد من توفرها ليقام الحد، وراجع في ذلك الفتوى: 55277.
والله أعلم.