الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالشقق التي بناها والدكم للذكور، أو التي ينوي بناءها للإناث: إن كان والدكم يريد بذلك أن تكون لكم بعد مماته؛ فإن هذه تعتبر وصية لوارث، والوصية للوارث ممنوعة شرعًا، ولا تمضي إلا برضى الورثة، على ما فصلناه في الفتوى: 121878، والفتوى: 170967.
وإن كان يريد أنها هبة لكم في حياته، وليست وصية بعد مماته: فلا حرج في تلك الهبة، ولكن يجب عليه أن يعدل فيها، وليس من العدل أن يهب الذكور فيبني لهم الشقق، ويملكها لهم، ويؤجل الهبة للإناث؛ لأنه ربما مات قبل ذلك، فيكون قد جار ولم يعدل.
وإذا تمت الهبة بشروطها المعتبرة شرعًا، فليس من حقه أن يمنع أولاده من التصرف فيها بعد مماته بمنعهم من البيع، أو الهبة، ونحو ذلك من وجوه التصرف؛ لأن من ملك شيئًا، لم يُحجر عليه في التصرف فيه بغير مسوغ شرعي، وانظر الفتوى: 124965 عن حكم اشتراط عدم التصرف في الهبة.
وكون والدكم لا يريد أن يَدخل عليكم غريبٌ يشارككم في العقار، هذا لا يبرر منعه لكم من التصرف، ومن المعلوم أن ما كان من العقار شركةً بين الأولاد ذكورًا وإناثًا، وأراد أحدهم بيع نصيبه فيه بعد ممات والده، فإنه يجري في هذا البيع حكم الشُّفْعَةِ، وقد ذكرنا في الفتوى: 364201 شروط ثبوت حق الشفعة في الشركة.
كما أن الأولاد أيضًا إذا اشتركوا في العقار بعد وفاته -بسبب ميراث، أو هبةٍ-، وأراد أحدهم أن يبيع نصيبه، فله الحق، ويُجبرُ البقية على البيع، إذا كان العقار لا يقبل القسمة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كَلُّ مَا لَا يُمْكِنُ قَسْمُهُ، فَإِنَّهُ يُبَاعُ، وَيُقْسَمُ ثَمَنُهُ إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ ذَلِكَ، وَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْبَيْعِ، وَحَكَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ ذَلِكَ إجْمَاعًا. اهــ.
والله تعالى أعلم.