الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحسن أن يبر زوجك أمه، ويجتهد في كسب رضاها، ولكن لا يجوز أن يكون ذلك على حساب حقوقك عليه، فمن حقك عليه أن يمنع عنك أذاها، من غير أن يعق أمّه.
ومن سبل منع أذاها عنك -وهو حق لك عليه- أن يوفر لك مسكنًا مستقلًّا، ولو عن طريق الأجرة، إن لم يجد سبيلًا لسكناك في بيته هذا؛ إذ المقصود توفير هذا السكن، ولا يضر كونه مملوكًا، أو مستأجرًا، أو غير ذلك، قال الخطيب الشربيني -رحمه الله- في مغني المحتاج: ولا يشترط في المسكن كونه ملكه قطعًا، بل يجوز إسكانها في موقوف، ومستأجر، ومستعار. اهـ.
فنوصي بتوسيط العقلاء من أهلك وأهله في هذا الأمر، فإن تيسر لهم حل الإشكال، فبها، وإلا فيمكنك أن ترفعي الأمر للقضاء الشرعي؛ لينظر في الأمر، ويزيل عنك الضرر.
وإذا صار الأمر إلى الطلاق، فلا ننصح بالتعجل إليه قبل التبين فيه، فقد لا تكون المصلحة في الطلاق دائمًا.
وننبه إلى أمرين:
الأمر الأول: أنه لا يلزم الزوجة شرعًا أن تخدم أمّ زوجها، فضلًا عن أن تخدم غيرها من زوجات إخوته، أو أبنائهنّ، إلا أن تفعل ذلك بطيب نفس منها.
الأمر الثاني: لنا تعليق على قولك: "أحممها"، فإن كان المقصود بذلك غسل جسدها، فيجب الاحتراز عن النظر للعورة، أو لمسها، قال الكاساني في بدائع الصنائع: وَأَمَّا الثَّالِثُ، وهو: بَيَانُ ما يَحِلُّ من ذلك وما يَحْرُمُ لِلْمَرْأَةِ من الْمَرْأَةِ، فَكُلُّ ما يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَيْهِ من الرَّجُلِ، يَحِلُّ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إلَيْهِ من الْمَرْأَةِ، وَكُلُّ ما لَا يَحِلُّ له، لَا يَحِلُّ لها، فَتَنْظُرُ الْمَرْأَةُ من الْمَرْأَةِ إلَى سَائِرِ جَسَدِهَا، إلَّا ما بين السُّرَّةِ وَالرُّكْبَةِ، وَلَا يَجُوزُ لها أَنْ تَنْظُرَ ما بين سُرَّتِهَا إلَى الرُّكْبَةِ، إلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ، بِأَنْ كانت قَابِلَةً، فَلَا بَأْسَ لها أَنْ تَنْظُرَ إلَى الْفَرْجِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ، لَكِنَّ الثَّابِتَ بِالضَّرُورَةِ، لَا يَعْدُو مَوْضِعَ الضَّرُورَةِ؛ لِأَنَّ عِلَّةَ ثُبُوتِهَا الضَّرُورَةُ، وَالْحُكْمُ لَا يَزِيدُ على قَدْرِ الْعِلَّةِ، هذا الذي ذَكَرْنَا حُكْمُ النَّظَرِ، وَالْمَسِّ. اهـ.
والله أعلم.