الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحق هؤلاء العاملين في رواتبهم السابقة، حق ثابت، لا يجوز منعه، أو النقص منه دون وجه حق، وإلا كان ذلك أكلًا للمال بالباطل، وقد قال الله تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ [البقرة:188]، قال السعدي في تفسيره: يدخل في ذلك استعمال الأجراء، وأكل أجرتهم. اهـ. وراجع للفائدة، الفتويين: 197981، 387448.
وأما مسألة العرض المتعلق ببيع الفلل، فالذي فهمناه منه أن المؤسسة أوكلت لهؤلاء العاملين بيع فلل بسعر معين؛ ليتقاضوا من ثمنها رواتبهم المتأخرة، واشترطت عليهم أن ما نقص عن هذا السعر، سيُحسَم من مستحقاتهم. وأن العاملين مجبرون على الموافقة؛ بسبب تأخر رواتبهم لسنة كاملة.
فإن كان هذا هو المراد، فإنهم إن باعوا بالسعر المطلوب، فلا إشكال.
وأما إذا لم يجدوا من يشتري بهذا السعر، فإما أن يمتنعوا عن البيع، ومن ثم؛ فلا يحصلون على رواتبهم المتأخرة.
وإما أن ينقصوا من السعر؛ ليتمكنوا من البيع، ويتحملون هم هذا النقص الذي سيحسم من مستحقاتهم، فإن فعلوا ذلك، فلا حرج عليهم، ولكن هذا لا يلزمهم، فلهم أن يمتنعوا حينئذ عن البيع، ويطالبوا بكامل حقوقهم.
وإن باعوا بالنقص، وتحملوا فرق السعر، فلا حرج عليهم هم.
وأما أصحاب المؤسسة، فلا نرى ذممهم تبرأ بهذا، وأن الواجب عليهم إعطاء هؤلاء العاملين رواتبهم كاملة دون نقص، فإن لم يستطيعوا ذلك لإعسارهم، أو عدم امتلاكهم المال الكافي، بذلوا ما يستطيعون، وثبت الباقي دينًا في ذمتهم إلى أن يتيسروا، إلا أن يتنازل عنه العاملون باختيارهم.
والله أعلم.