الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمسألة خلافية -كما تعرف- والمانع من المسح على الجوارب مطلقا، يتمسك بأن الرخصة وردت في الخف، فلا يتعدى بها إلى غيره.
ومجيز المسح على الجوارب، مشترطا كونها ثخينة، يرى أن المعنى المقتضي لتجويز المسح عليها، هو كونها صالحة لمتابعة المشي فيها؛ لأن غيرها لا يشق نزعه، ولا يحتاج إلى لبسه كالحاجة إلى غيره.
والمجيز مطلقا؛ كما هو وجه عند الشافعية، والمنقول عن عمر وعلي -رضي الله عنهما- كما ذكره النووي في شرح المهذب. وهو ظاهر كلام أبي محمد ابن حزم، فإنه يستدل بعموم الرخصة في المسح على ما يلبس في الرجل، وعدم ورود ما يصلح للتمسك به في التفريق بين ملبوس وغيره.
فهذه مآخذ العلماء في المسألة باختصار.
وبعد: فالمسألة من مسائل الخلاف السائغ التي لا تحتاج إلى تشنج وانفعال، بل كلها آراء معتبرة. والقائل بها مجتهد، دائر بين الأجر والأجرين، وللمقلد أن يقلد أيا ممن يثق به من قائلي هذه الأقوال، وتبرأ ذمته بذلك. وانظر لما على العامي فعله عند الخلاف، فتوانا: 169801.
ونصيحتنا لك هي ألا تشغل نفسك بهذه المسألة، فتعطيها أكبر مما تستحق، فإنها مسألة عادية شأنها شأن غيرها من مسائل الخلاف الكثيرة.
واجتهد في تعلم العلم النافع والتحقق به، ولا تدخل نفسك في غمار الأخذ والرد بين أهل العلم حتى تحكم أصول العلم، وتتقن مذهبا معتبرا، إتقانا يؤهلك بعدها للنظر والتمحيص. وأما مع قصور الآلة، فلا تتقحم ما لا تحسن، ولا تقف ما ليس لك به علم. رزقنا الله وإياك العلم النافع، والعمل الصالح.
والله أعلم.